وقالوا له : لو نهضت إلى وسط البصرة أتاك من أتاك ، فنزل في دار أبي مروان النيسابورىّ (١).
قال عفو الله بن سفيان : أتيت إبراهيم يوما وهو مرعوب ، فأخبرته بكتاب أخيه أنه ظهر بالمدينة ، وأنه يأمره بالخروج ، فوجم لها واغتمّ ، فأخذت أسهّل عليه وأقول : قد اجتمع لك أمرك ، معك مضاء التغلبيّ والطّهويّ والمغيرة ، وأنا وجماعة ، فنخرج إلى السجن في الليل فنفتحه ، ويصبح معك خلق من الناس ، فطابت نفسه ، وبلغ ذلك المنصور فجهّز جيشا إلى البصرة ، ثم سار فنزل الكوفة ليكتفي شر الشيعة وفتقهم.
قال أبو الحسن الحذّاء : ألزم المنصور الناس بالسواد ، فكنت أراهم يصبغون ثيابهم بالمداد ، يعني السوقة ، ثم جعل يحبس أو يقتل كلّ من يتّهمه بالكوفة. وكان ابن ماعز الأسديّ يبايع لإبراهيم بالكوفة سرا. وقتل المنصور جماعة كثيرة عسفا وظلما. وكان بالموصل ألفا فارس لمكان الخوارج ، فطلبهم المنصور ، فلما كانوا بباخمرا اعترض أهلها العسكر ، وقالوا : لا ندعكم تجاوزونا لتنصروا أبا جعفر على إبراهيم ، فقاتلوهم ، فقتل منهم خمسمائة.
وأما أمير البصرة سفيان بن معاوية ، فتهاون في أمر إبراهيم حتى عجز ، واتّسع الخرق ، فبقي كلما قيل له : إبراهيم خارج ، لم يعرّج على قول أحد ، فلما خرج إبراهيم جعل أصحابه ينادون سفيان وهو محصور : أذكر بيعتك في دار المخزوميّين ، فيقال : كان مداهنا لإبراهيم مما في قلبه على المنصور.
وكان ظهور إبراهيم في أول رمضان في الليل ، فصار إلى مقبرة بني يشكر في بضعة عشر فارسا ، وقدم تلك الليلة أبو حمّاد الأثرم في ألفين ، فنزل الرحبة ، فكان إبراهيم أول شيء أصاب دوابّ أولئك العسكر وأسلحتهم ،
__________________
(١) انظر الطبري ٧ / ٦٢٨.