العراق. ثم إن عيسى أحاط بالمدينة في أثناء شهر رمضان ، ثم دعا محمد إلى الطاعة ثلاثة أيام ، ثم ساق بنفسه في خمسمائة فوقف بقرب السور فنادى : يا أهل المدينة إن الله قد حرّم دماء بعضنا على بعض ، فهلمّوا إلى الأمان ، فمن جاء إلينا فهو آمن ، ومن دخل داره أو المسجد أو ألقى سلاحه فهو آمن ، خلّوا بيننا وبين صاحبنا فإمّا لنا وإما له ، قال فشتموه ، فانصرف يومئذ ففعل من الغد كذلك ، ثم عبّأ جيشه في اليوم الثالث ، وزحف فلم يلبث أن ظهر على المدينة ، ولما التحم الحرب نادى : يا محمد إن أمير المؤمنين أمرني أن لا أقاتل حتى أعرض عليك الأمان ، فلك الأمان على نفسك ومن اتّبعك ، وتعطى من المال كذا وكذا ، فصاح : أله عن هذا ، فقد علمت أنه لا يثنيني عنكم فزع ، ولا يقرّبني منكم طمع ، ثم ترجّل. قال عثمان بن محمد بن خالد : فإنّي لأحسبه قتل يومئذ بيده سبعين رجلا (١).
وروى محمد بن زيد قال : دعا عيسى عشرة من آل أبي طالب منهم القاسم بن حسن بن زيد بن حسن بن عليّ ، قال : فجئنا سوق الحطّابين ، فدعوناهم فسبّونا ورشقونا بالنّبل ، وقالوا : هذا ابن رسول الله صلىاللهعليهوسلم معنا ونحن معه ، فقال لهم القاسم : وأنا ابن رسول الله ، وأكثر من ترون معي بنو رسول الله ، ونحن ندعوكم إلى كتاب الله وحقن دمائكم ، ورجعنا ، فأرسل عيسى حميد بن قحطبة في مائة (٢). وجعل محمد ستور المسجد درائع لأصحابه ، وكان مع الأفطس علم أصفر فيه صورة حية.
وقال عبد الحميد بن جعفر : كنا يومئذ مع محمد بن علي عدة أصحاب بدر ، ثم لقينا عيسى فتبارز جماعة.
وعن مسعود الرحّال قال : شهدت مقتل محمد بالمدينة ، فإنّي لأنظر إليهم عند أحجار الزيت ، وأنا مشرف من سلع ، إذ نظرت إلى رجل من أصحاب
__________________
(١) الطبري ٧ / ٥٨٦.
(٢) الطبري ٧ / ٥٨٧.