عنها رادّ فيقاتل الرجل بمثل رجاله وسلاحه ، فصاح جبير بن عبد الله : أعوذ بالله أن تخرج من المدينة وقد ورد أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : (رأيتني في درع حصينة فأوّلتها المدينة) (١). ثم إنّ محمدا استشار : هل يخندق على نفسه ، فاختلف عليه رأي أصحابه ، فلما تيقّن قرب عيسى بن موسى منه ، حفر خندق رسول الله صلىاللهعليهوسلم وحفر فيه بيده تأسّيا بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم.
وعن عثمان الزبيري قال : اجتمع مع محمد جمع لم أر أكثر منه ، إني لأحسبنا قد كنا مائة ألف ، فلما دنا منا عيسى خطبنا محمد فقال : إن هذا الرجل قد قرب منكم في عدد وعدد ، وقد حللتكم من بيعتي ، فمن أحبّ فلينصرف ، قال : فتسلّلوا حتى بقي في شرذمة. وخرج الناس من المدينة بأولادهم إلى الأعوص والجبال ، فلم يتعرّض لهم عيسى ، بل جهّز خمسمائة إلى ذي الحليفة يمسكون طريق مكة على محمد ، ثم راسله يدعوه إلى الطاعة وأن المنصور قد أمّنه ، فأرسل إليه : إياك أن يقتلك من يدعوك إلى الله فتكون شرّ قتيل ، أو تقتله فيكون أعظم لوزرك. فأرسل إليه عيسى : ليس بيننا إلا القتال ، فإن أبيت إلا القتال نقاتلك على ما قاتل عليه خير آبائك ، عليّ طلحة والزبير على نكث بيعتهم له (٢).
وعن «ماهان» مولى قحطبة قال : لما صرنا إلى المدينة أتانا إبراهيم بن جعفر بن مصعب طليعة فطاف بعسكرنا حتى حزره ، ثم ذهب عنا فرعبنا منه ، حتى جعل عيسى وحميد بن قحطبة يقولان : فارس واحد يكون طليعة لأصحابه! فلما كان عنا مدّ البصر نظرنا إليه مقيما لا يزول ، فقال حميد : ويحكم انظروا ، فوجّه إليه فارسين ، فوجدا دابّته عثرت به فتقوّس الجوشن في عنقه فقتله ، فأخذا سلبه ورجعا بتنّور مذهّب لم ير مثله (٣). قيل كان لمصعب جدّه أمير
__________________
(١) الطبري ٧ / ٥٨١.
(٢) الطبري ٧ / ٥٨٥.
(٣) الطبري ٧ / ٥٨٥.