حتى خرجنا على بني أمية فطلبنا بثأركم وأدركنا بدمائكم وفضّلنا سلفكم فاتخذتم ذلك علينا حجة. وظننت إنما ذكرنا أباك وفضّلناه للتقدمة منا له على حمزة والعباس وجعفر ، وليس كما ظننت ، ولقد خرج هؤلاء من الدنيا سالمين ، مجتمع عليهم بالفضل ، وابتلي أبوكم بالقتال والحرب ، فكانت بنو أمية تلعنه كما تلعن الكفرة في الصلاة المكتوبة فاحتججنا له وذكرنا فضله رضياللهعنه (١).
وكان محمد قد أخرج من السجن بالمدينة محمد بن خالد القسريّ ، فرأى القسريّ أن الأمر ضعيف ، فكتب إلى المنصور في أمره ، فبلغ محمدا فحبسه.
قال ابن عساكر : ذبح ابن حضير أحد أعوان محمد رياح بن عثمان في هذه السنة (٢). وأما ابن معاوية فلما مضى إلى مكة كان في سبعين راكبا وسبعة أفراس فقاتل السريّ أمير مكة فقتل سبعة من أصحاب السريّ ، فانهزم السريّ ودخل ابن معاوية مكة فخطب ونعى اليهم المنصور ، ودعا لمحمد ، ثم بعد أيام أتاه كتاب محمد يأمره باللحاق به ، فجمع جموعا تقدم بها على محمد ، فلما كان بقديد بلغه مصرع محمد فانهزم إلى البصرة فلحق بإبراهيم ابن عبد الله حتى قتل إبراهيم.
وندب المنصور لقتال محمد ابن عمه عيسى بن موسى وقال في نفسه : لا أبالي أيّهما قتل صاحبه ، فجهّز مع عيسى أربعة آلاف فارس ، وفيهم محمد ابن السفاح ، فلما وصل إلى «فند» (٣) كتب إلى أهل المدينة في خرق الحرير يتألّفهم ، فتفرّق عن محمد خلق ، وسار منهم طائفة لتلقّي عيسى والتحيّز إليه ، فاستشار محمد عبد الحميد بن جعفر فقال : أنت أعلم بضعف جمعك وقلّتهم ، وبقوة خصمك وكثرة جنده ، والرأي أن تلحق بمصر ، فو الله لا يردّك
__________________
(١) انظر النص في الطبري ٧ / ٥٦٨ ـ ٥٧١ وابن الأثير ٥ / ٥٣٨ ـ ٥٤١.
(٢) انظر تهذيب التاريخ الكبير لابن عساكر ٥ / ٣٣٤ ـ ٣٤٦.
(٣) فند : بفتح الفاء وسكون النون. اسم جبل بين مكة والمدينة قرب البحر. (ياقوت ٤ / ٢٧٧).