وفيها أعيد مسلمة إلى إمرة أذربيجان ، فأخذ متولّيها سعيد بن عمرو فسجنه ، فجاء أمر هشام بأن يطلقه. وسأل مسلمة أهل حيزان (١) الصّلح فأبوا عليه ، فقاتلهم وجدّ في قتالهم ، فطلبوا الصّلح والأمان ، فحلف لهم ألّا يقتل منهم رجلا ولا كلبا ، فنزلوا ، فقتل الجميع إلّا رجلا واحدا وكلبا (٢) ورأى أنّ هذا سائغا له ، وأنّ الحرب خدعة. ثم إنّه سار إلى أرض شروان (٣) ، فسأله ملكها الصّلح ، فصالحهم وغوّر في بلادهم ، فقصده خاقان ، فالتقى الجمعان ، واقتتلوا أشدّ قتال ، وكاد العدوّ أن يظفروا ، فتحيّز مسلمة بالنّاس ، ثم التقاهم ثانيا انهزم فيها خاقان (٤).
وفيها كانت وقعة عظيمة هائلة بأرض الروم ، انكسر فيها المسلمون وتمزّقوا ، وكانوا ثمانية آلاف ، عليهم مالك بن شبيب الباهليّ ، وكان قد دخل عليهم في بلاد الروم ، فحشدوا له ، فاستشهد في هذه الوقعة مالك الأمير ، وعبد الوهاب بن بخت ، والبطّال الّذي تضرب الأمثال بشجاعته (٥).
__________________
(١) حيزان : بفتح الحاء ، وهي من مدن أرمينية قريبة من شروان. (معجم البلدان).
(٢) تاريخ خليفة ٣٤٤.
(٣) شروان : مدينة من نواحي باب الأبواب. (معجم البلدان ٣ / ٣٣٩).
(٤) تاريخ خليفة ٣٤٤.
(٥) انظر تاريخ الطبري ٧ / ٨٨.