ما أدري ما هو ، وأنا أتخوّف أن يكون قد أزالها عنّي ، فإن يكن عدلها عنّي فأعلمني ما دام في الأمر نفس ، قلت : سبحان الله ، يستكتمني أمير المؤمنين أمرا أطلعك عليه ، لا يكون ذا أبدا! قال : فأدارني وألاحني ، فأبيت عليه ، وانصرف ، فبينا أنا أسير ، إذ سمعت جلبة خلفي ، فإذا عمر بن عبد العزيز ، فقال لي : يا رجاء إنّه قد وقع في نفسي أمر كبير أتخوّف أن يكون هذا الرجل قد جعلها إليّ ، ولست أقوم بهذا الشّأن ، فأعلمني ما دام في الأمر نفس ، لعلّي أتخلّص منه ما دام حيّا ، قلت سبحان الله ، يستكتمني أمير المؤمنين أمرا أطلعك عليه! فأدارني وألاحني ، فأبيت عليه ، وثقل سليمان ، وحجب النّاس ، فلما مات أجلسته وسنّدته وهيّأته ، وخرجت إلى النّاس ، فقالوا : كيف أصبح أمير المؤمنين؟ قلت : أصبح ساكنا ، وقد أحبّ أن تسلّموا عليه وتبايعوا بين يديه ، وأذنت للنّاس ، فدخلوا ، وقمت عنده ، فقلت : إنّ أمير المؤمنين يأمركم بالوقوف ، ثم أخذت الكتاب من عنده ، وتقدّمت إليهم ، وقلت : إنّ أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا على ما في هذا الكتاب ، فبايعوا وبسطوا أيديهم ، فلما بايعتهم وفرغت ، قلت لهم : آجركم الله في أمير المؤمنين ، قالوا : فمن؟ ففتحت الكتاب ، فإذا عمر بن عبد العزيز ، فتغيّرت وجوه بني عبد الملك ، فلما قرءوا : «بعده يزيد» فكأنّهم تراجعوا ، فقالوا : أين عمر؟ فطلبوه ، فإذا هو في المسجد ، فأتوا فسلّموا عليه بالخلافة ، فعقر به فلم يستطع النّهوض ، حتى أخذوا بضبعيه فأصعدوه المنبر ، فجلس طويلا لا يتكلّم ، فلما رآهم رجاء جالسين ، قال : ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعونه ، فنهضوا إليه فبايعوه رجلا رجلا ، ومدّ يده إليهم ، فصعد إليه هشام ، فلما مدّ يده إليه قال : يقول هشام إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فقال : عمر إنّا لله حين صار يلي هذا الأمر أنا وأنت ، ثم قام فحمد الله ، ثم قال : أيّها النّاس إنّي لست بقاض ولكنّي منفّذ ، ولست بمبتدع ، ولكنّي متّبع ، وإنّ من حولكم من الأمصار إن أطاعوا كما أطعتم فأنا وإليكم ، وإن أبوا فلست لكم بوال ، ثم نزل يمشي ، فأتاه صاحب المراكب ، فقال : ما هذا! قال : مركب