قال أبو سليمان : ويؤكد ما ذهبنا إليه حديث أبي هريرة يعني ما أخبرنا علي ابن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن عبيد الصفار ، نا عبيد بن شريك ، نا ابن عفير ، نا الليث عن ابن مسافر عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : يقبض الله الأرض ، ويطوي السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض؟
رواه البخاري في الصحيح عن سعيد بن عفير (١).
قال أبو سليمان رحمهالله : وهذا قول النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولفظه جاء على وفاق الآية من قوله عزوجل : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) (٢) ليس فيه ذكر الأصابع ، وتقسيم الخليقة على أعدادها ، فدل أن ذلك من تخليط اليهود وتحريفهم ، وأن ضحك النبي صلىاللهعليهوسلم إنما كان على معنى التعجب منه ، والنكير له. والله أعلم.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر القاضي قالا : نا أبو العباس هو الأصم ، نا الحسن بن علي بن عفان ، نا الحسن ، يعني ابن عطية ، عن يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن اليهود والنصارى وصفوا الرب عزوجل فأنزل الله عزوجل على نبيه صلىاللهعليهوسلم : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (٣) ثم بين للناس عظمته فقال : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٤). فجعل وصفهم ذلك شركا. هذا الأثر عن ابن عباس إن صح يؤكد ما قاله أبو سليمان رحمهالله.
__________________
(١) الحديث أخرجه الامام مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ٢٣ (٢٧٨٧) عن ابن شهاب حدثني ابن المسيب أن أبا هريرة كان يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وذكره. وأخرجه البخاري في كتاب الرقاق ٤٤ وكتاب التوحيد ٦ وابن ماجه في المقدمة ١٣ واحمد بن حنبل في المسند ٢ : ٣٧٤ (حلبي).
(٢) سورة الزمر آية ٦٧.
(٣) سورة الانعام آية ٩١. والزمر ٦٧.
وسورة الحج آية ٧٤ ولفظها : (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
(٤) سورة الزمر آية ٦٧.