وقال أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري رحمهالله : إنّا لا ننكر هذا الحديث ولا نبطله لصحة سنده ، ولكن ليس فيه أن يجعل ذلك على اصبع نفسه ، وإنما فيه أن يجعل ذلك على اصبع ، فيحتمل أنه أراد اصبعا من أصابع خلقه.
قال : وإذا لم يكن ذلك في الخبر لم يجب أن يجعل لله اصبعا.
وأما الحديث الذي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو بكر بن إسحاق ، وعبد الله بن محمد الكعبي ، قالا : نا محمد بن أيوب ، أنا سعيد بن منصور ، نا يعقوب بن عبد الرحمن ، قال : حدثني أبو حازم ، عن عبيد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر كيف يحكي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : يأخذ الله سماواته وأراضيه بيديه فيقول : أنا الله ـ ويقبض أصابعه ويبسطها ـ أنا الملك. حتى نظرت إلى المنبر بتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول : أساقط هو برسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ (١).
أخبرنا أبو عبد الله ، أنا عبد الله بن محمد الكعبي ، نا محمد بن أيوب ، نا سعيد بن منصور ، نا عبد العزيز بن أبي حازم ، حدثني أبي ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن عبد الله بن عمر قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم على المنبر وهو يقول : «يأخذ الجبار سماواته وأرضيه بيده ...» ، قال : ثم ذكره بنحوه. فقد رواه مسلم في الصحيح عن سعيد بن منصور بالإسنادين جميعا هكذا (٢). ويحتمل أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم يقبض أصابعه ويبسطها. ثم تأويله ما تقدم ، والله أعلم.
وأما الحديث الذي أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، نا علي بن ممشاد العدل ، نا الحارث بن أبي أسامة ، نا أبو عبد الرحمن المقري ، نا حياة ، قال : أخبرني أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن يقول : إنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول إنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إن قلوب بني آدم كلها بين اصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها حيث يشاء. ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اللهم مصرف القلوب
__________________
(١) الحديث أخرجه الامام مسلم في كتاب صفات المنافقين ٢٥ عن عبيد الله بن مقسم ، أنه نظر الى عبد الله بن عمر كيف يحكي رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : وذكره. وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة ١٨١ والترمذي في كتاب الدعوات.
(٢) سبق تخريج هذا الحديث قريبا من هذا.