الخبر لا يجاوزونه. وذهب بعض أهل النظر منهم إلى أن اليمين يراد به اليد ، والكف عبارة عن اليد ، واليد لله تعالى صفة بلا جارحة. فكل موضوع ذكرت فيه من كتاب وسنة صحيحة فالمراد بذكرها تعلقها بالكائن المذكور معها من الطي والأخذ ، والقبض والبسط ، والمسح ، والقبول ، والإنفاق ، وغير ذلك تعلق الصفة الذاتية بمقتضاها من غير مباشرة ولا مماسة ، وليس في ذلك تشبيه بحال. وذهب آخرون إلى أن القبضة في غير هذا الموضع قد يكون بالجارحة ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وقد يكون بمعنى الملك والقدرة. يقال : ما فلان إلا في قبضتي. يعني ما فلان إلا في قدرتي. والناس يقولون الأشياء في قبضة الله ، يريدون في ملكه وقدرته. وقد يكون بمعنى إفناء الشيء وإذهابه. يقال : فلان قبضه الله بمعنى أنه أفناه وأذهبه من دار الدنيا فقوله جل ثناؤه : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (١) يحتمل أن يكون المراد به : والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة بقدرته على إفنائها. وقوله : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) (٢) ليس يريد به طيا بعلاج وانتصاب. وإنما المراد به الفناء والذهاب. يقال : قد انطوى عنا ما كنا فيه وجاءنا غيره. وانطوى عنا دهر بمعنى المضي والذهاب. وقوله : (بِيَمِينِهِ) يحتمل أن يكون إخبارا عن الملك والقدرة كقوله : (مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) (٣) يريد به الملك. وقد قيل قوله : (مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) يريد به ذاهبات بقسمه. أي : أقسم ليفنيها. وقوله : (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) (٤) أي بالقوة والقدرة. أي : أخذنا قدرته وقوته.
وقال ابن عرفة : أي لأخذنا بيمينه. فمعناه التصرف. (ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٥) أي عرقا في القلب. وقيل : هو حبل القلب ، إذا انقطع مات صاحبه.
__________________
(١) سورة الزمر. آية ٦٧.
(٢) سورة الزمر. آية ٦٧.
(٣) سورة النور آية ٣٣.
(٤) سورة الحاقة آية ٤٥.
(٥) سورة الحاقة آية ٤٦.