الأعلى؟ قلت : أنت أعلم يا ربّ ، قال : في الكفّارات والدّرجات ، فأمّا الكفّارات ، فإسباغ الوضوء في السّبرات ، ونقل الأقدام إلى الجماعات ، وانتظار الصّلاة بعد الصّلاة. وأمّا الدّرجات فإفشاء السّلام ، وإطعام الطّعام ، والصّلاة باللّيل والنّاس نيام».
قوله تعالى : (أَسْتَكْبَرْتَ) أي : أستكبرت بنفسك حين أبيت السّجود (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) أي : من قوم يتكبّرون؟! قوله تعالى : (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) أي : مرجوم بالذّم واللّعن. قوله تعالى : (إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) وهو وقت النّفخة الأولى ، وهو حين موت الخلائق. وقوله : (فَبِعِزَّتِكَ) يمين بمعنى : فو عزّتك. وما أخللنا به في هذه القصّة فهو مذكور في الأعراف (١) والحجر (٢) وغيرهما مما تقدّم. قوله تعالى : (قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) قرأ عاصم إلّا حسنون عن هبيرة ، وحمزة ، وخلف ، وزيد عن يعقوب : «فالحقّ» بالرفع في الأول ونصب الثاني ، وهذا مرويّ عن ابن عباس. ومجاهد ، قال ابن عباس في معناه : فأنا الحقّ وأقول الحقّ ؛ وقال غيره : خبر الحقّ محذوف ، تقديره : الحقّ منّي. وقرأ محبوب عن أبي عمرو بالرفع فيهما ؛ قال الزّجّاج : من رفعهما جميعا ، كان المعنى : فأنا الحقّ والحقّ أقول. وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، والكسائيّ : بالنّصب فيهما. قال الفرّاء : وهو على معنى قولك : حقّا لآتينّك ، ووجود الألف واللام وطرحهما سواء ، وهو بمنزلة قولك : حمدا لله ، وقال مكّيّ بن أبي طالب : انتصب الحقّ الأول على الإغراء ، أي : اتّبعوا الحقّ واسمعوا والزموا الحقّ. وقيل : هو نصب على القسم ، كما تقول : الله لأفعلنّ ، فتنصب حين حذفت الجارّ ، لأنّ تقديره وبالحقّ ؛ وأمّا الحقّ الثاني ، فيجوز أن يكون الأول ، وكرّره توكيدا ، ويجوز أن يكون منصوبا ب «أقول» كأنه قال : وأقول الحقّ. وقرأ ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو رجاء ، ومعاذ القارئ ، والأعمش : «فالحقّ» بكسر القاف «والحقّ» بنصبها. وقرأ أبو عمران الجوني بكسر القافين. جميعا. وقرأ أبو المتوكّل ، وأبو الجوزاء ، وأبو نهيك : «فالحقّ» بالنّصب «والحقّ» بالرفع.
قوله تعالى : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ) أي : من نفسك وذرّيّتك. (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) أي : على تبليغ الوحي (وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) أي : لم أتكلّف إتيانكم من قبل نفسي إنّما أمرت أن آتيكم ، ولم أقل القرآن من تلقاء نفسي إنّما أوحي إليّ. (إِنْ هُوَ) أي : ما هو ، يعني القرآن (إِلَّا ذِكْرٌ) أي : موعظة (لِلْعالَمِينَ). (وَلَتَعْلَمُنَ) يا معاشر الكفّار (نَبَأَهُ) أي : خبر صدق القرآن (بَعْدَ حِينٍ) وفيه ثلاثة أقوال : أحدها : بعد الموت. والثاني : يوم القيامة ، رويا عن ابن عباس ، وبالأول يقول قتادة ، وبالثاني يقول عكرمة (٣). والثالث : يوم بدر ، قاله السّدّيّ ومقاتل. وقال ابن السّائب : من بقي إلى أن ظهر أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم علم ذلك ، ومن مات علمه بعد الموت. وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ هذه الآية منسوخة بآية السّيف ، ولا وجه لذلك.
____________________________________
المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون ، أسألك حبك وحب من يحبك ، وحب عمل يقرب إلى حبك ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّها حق فادرسوها ثم تعلّموها».
__________________
(١) الأعراف : ١٢.
(٢) الحجر : ٣٤.
(٣) قال ابن كثير ٤ / ٥٣ : ولا منافاة بين القولين ، فإن من مات فقد دخل في حكم القيامة ، قال : وقال قتادة في قوله تعالى : (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) قال الحسن : يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين.