الحساب بما نسوا ، أي : تركوا القضاء بالعدل ، وهو قول عكرمة.
(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨) كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٩))
قوله تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) أي : عبثا (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أنّ ذلك خلق لغير شيء ، وإنّما خلق للثواب والعقاب. (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا) قال مقاتل :
(١٢١٦) قال كفّار قريش للمؤمنين : إنّا نعطى في الآخرة مثل ما تعطون ، فنزلت هذه الآية.
(١٢١٧) وقال ابن السّائب : نزلت في السّتة الذين تبارزوا يوم بدر ، عليّ رضي الله عنه ، وحمزة رضي الله عنه ، وعبيدة بن الحارث رضي الله عنه ، وعتبة ، وشيبة ، والوليد بن عتبة ، فذكر أولئك بالفساد في الأرض لعملهم فيها بالمعاصي ، وسمّى المؤمنين بالمتّقين لاتّقائهم الشّرك ، وحكم الآية عامّ.
قوله تعالى : (كِتابٌ) أي : هذا كتاب ، يعني القرآن ، وقد بيّنّا معنى بركته في سورة الأنعام (١). (لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ) وقرأ عاصم في رواية : «ليتدبّروا آياته» بالتاء خفيفة الدال ، أي : ليتفكّروا فيها فيتقرّر عندهم صحّتها (وَلِيَتَذَكَّرَ) بما فيه من المواعظ (أُولُوا الْأَلْبابِ) ، وقد سبق بيان هذا.
(وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ (٣١) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (٣٢) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (٣٣) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (٣٤) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ (٣٦) وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٣٨) هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٩) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠) وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ (٤٢) وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٤٣) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٤٤))
قوله تعالى : (نِعْمَ الْعَبْدُ) يعني به سليمان. وفي الأوّاب أقوال قد تقدّمت في بني إسرائيل (٢) ، أليقها بهذا المكان أنه رجّاع بالتّوبة إلى الله تعالى ممّا يقع منه من السّهو والغفلة.
قوله تعالى : (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِ) وهو ما بعد الزّوال (الصَّافِناتُ) وهي الخيل ، وفي معنى
____________________________________
(١٢١٦) رواه المصنف عن مقاتل ، ومقاتل متهم بالوضع.
(١٢١٧) رواه المصنف عن ابن السائب الكلبي ، وكذا السيوطي في «أسباب النزول». وابن السائب متهم بالوضع.
__________________
(١) الأنعام : ٩٢.
(٢) الإسراء : ٢٥.