مثل من الأمثال التي يكون بها الاعتبار (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ) يعني أهل مكّة (إِلَّا كُفُوراً) أي : جحودا للحقّ وإنكارا.
قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً).
(٩١٩) سبب نزول هذه الآية وما يتبعها ، أنّ رؤساء قريش ، كعتبة ، وشيبة ، وأبي جهل ، وعبد الله بن أبي أميّة ، والنّضر بن الحارث في آخرين ، اجتمعوا عند الكعبة ، فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمّد فكلّموه وخاصموه حتى تعذروا فيه ، فبعثوا إليه : إنّ أشراف قومك قد اجتمعوا ليكلّموك ، فجاءهم سريعا ، وكان حريصا على رشدهم ، فقالوا : يا محمّد ، إنّا والله لا نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك ، لقد شتمت الآباء ، وعبت الدّين ، وسفّهت الأحلام ، وفرّقت الجماعة ، فإن كنت إنما جئت بهذا لتطلب مالا ، جعلنا لك من أموالنا ما تكون به أكثر مالا ، وإن كنت إنما تطلب الشّرف فينا ، سوّدناك علينا ، وإن كان هذا الرّئيّ الذي يأتيك قد غلب عليك ، بذلنا أموالنا في طلب الطّبّ لك حتى نبرئك منه ، أو نعذر فيك. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن تقبلوا منّي ما جئتكم به ، فهو حظّكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردّوه عليّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم». قالوا : يا محمّد ، فإن كنت غير قابل منّا ما عرضنا ، فقد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلادا ولا أشدّ عيشا منّا ، سل لنا ربّك يسيّر لنا هذه الجبال التي ضيقت علينا ، ويجري لنا أنهارا ، ويبعث من مضى من آبائنا ، وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصيّ بن كلاب ، فإنه كان شيخا صدوقا ، فنسألهم عمّا تقول : أحقّ هو؟ فإن فعلت صدّقناك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما بهذا بعثت ، وقد أبلغتكم ما أرسلت به» ؛ قالوا : فسل ربّك أن يبعث ملكا يصدّقك ، وسله أن يجعل لك جنانا ، وكنوزا ، وقصورا من ذهب وفضّة تغنيك ؛ قال : «ما أنا بالذي يسأل ربّه هذا» ؛ قالوا : فأسقط السماء علينا كما زعمت بأنّ ربّك إن شاء فعل ؛ فقال : «ذلك إلى الله عزوجل» ؛ فقال قائل منهم : لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا ، وقال عبد الله بن أبي أميّة : لا أؤمن لك حتى تتّخذ إلى السماء سلّما ، وترقى فيه وأنا أنظر ، وتأتي بنسخة منشورة معك ، ونفر من الملائكة يشهدون لك ، فانصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم حزينا لما رأى من مباعدتهم إيّاه ، فأنزل الله تعالى : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) ... الآيات ، رواه عكرمة عن ابن عباس.
قوله تعالى : (حَتَّى تَفْجُرَ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : «حتى تفجّر» بضمّ التاء ، وفتح الفاء ، وتشديد الجيم مع الكسرة. وقرأ عاصم ، وحمزة والكسائيّ : «حتى تفجر» بفتح التاء ، وتسكين الفاء ، وضمّ الجيم مع التّخفيف. فمن ثقّل ، أراد كثرة الانفجار من الينبوع ، ومن خفّف ، فلأنّ الينبوع واحد. فأمّا الينبوع : فهو عين ينبع الماء منها ؛ قال أبو عبيدة : وهو يفعول ، من نبع الماء ، أي : ظهر وفار. قوله تعالى : (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ) أي : بستان (فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ) أي : تفتحها وتجريها (خِلالَها) أي : وسط تلك الجنّة. قوله تعالى : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ) وقرأ مجاهد ، وأبو مجلز ، وأبو رجاء ، وحميد ، والجحدريّ : «أو تسقط» بفتح التاء ، ورفع القاف «السماء» بالرّفع.
____________________________________
(٩١٩) ضعيف. أخرجه الطبري ٢٢٧١٩ عن ابن إسحاق عن شيخ من أهل مصر عن عكرمة عن ابن عباس به ، وإسناده ضعيف ، فيه راو لم يسمّ ، وكرره الطبري ٢٢٧٢٠ عن ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد وإسناده ضعيف لجهالة محمد هذا.