زوجاته لله عزوجل دون العوض ، وليخفّف عنه ، وأجيز له التّزويج بغير وليّ ، لأنه مقطوع بكفاءته ، وكذلك هو مستغن في نكاحه عن الشّهود.
(١١٤٧) وكانت زينب تفاخر نساء النبيّ صلىاللهعليهوسلم وتقول : زوّجكنّ أهلوكنّ وزوّجني الله عزوجل.
(ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٣٩) ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٤٠))
قوله تعالى : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) قال قتادة : فيما أحلّ الله عزوجل له من النساء. قوله تعالى : (سُنَّةَ اللهِ) هي منصوبة على المصدر ، لأنّ معنى (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ) : سنّ الله عزوجل سنّة واسعة لا حرج فيها. والذين خلوا : هم النبيّون ؛ فالمعنى : أنّ سنّة الله عزوجل في التّوسعة على محمّد فيما فرض له ، كسنّته في الأنبياء الماضين. قال ابن السّائب : هكذا سنّة الله في الأنبياء ، كداود ، فإنه كان له مائة امرأة ، وسليمان كان له سبعمائة امرأة وثلاثمائة سرّيّة (١) ، (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) أي : قضاء مقضيّا. وقال ابن قتيبة : «سنّة الله في الذين خلوا» معناه : لا حرج على أحد فيما لم يحرم عليه. ثم أثنى الله تعالى على الأنبياء بقوله تعالى : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) أي : لا يخافون لائمة الناس وقولهم فيما أحلّ لهم. وباقي الآية قد تقدّم بيانه (٢).
قوله تعالى : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) قال المفسّرون :
(١١٤٨) لمّا تزوّج رسول الله صلىاللهعليهوسلم زينب ، قال الناس : إنّ محمّدا قد تزوّج امرأة ابنه ، فنزلت هذه الآية. والمعنى : ليس بأب لزيد فتحرم عليه زوجته (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) قال الزّجّاج : من نصبه ،
____________________________________
(١١٤٧) صحيح. أخرجه البخاري ٤٧٨٧ و ٧٤٢٠ و ٧٤٢١ والترمذي ٣٢١٢ و ٣٢١٣ والحاكم ٢ / ٤١٧ وأحمد ٣ / ١٥٠ والبيهقي ٧ / ١٦١ من حديث أنس رضي الله عنه.
ـ وهو عند مسلم ١٤٢٨ ح ٩٠ في إحدى الروايات دون باقي الروايات ، عن أنس رضي الله عنه قال : جاء زيد بن حارثة يشكو فجعل النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «اتق الله وأمسك عليك زوجك» قالت عائشة : لو كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم كاتما شيئا لكتم هذه. قال : فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم تقول : زوّجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات. واللفظ للبخاري.
(١١٤٨) ضعيف. أخرجه الترمذي ٣٢٠٧ من طريق داود بن الزبرقان عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن عائشة به مطوّلا. وإسناده ضعيف جدا له علتان : الأولى : داود بن الزبرقان متروك الحديث. الثانية : الشعبي ، وهو عامر بن شراحيل عن عائشة منقطع. وضعفه الترمذي بقوله : غريب.
ـ قال ابن كثير رحمهالله في «تفسيره» ٣ / ٦٠٦ : وقوله تعالى : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) نهى أن يقال بعد هذا «زيد بن محمد» أي : لم يكن أباه وإن كان قد تبناه ، فإنه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لم يعش له ولد ذكر حتى بلغ الحلم ، فإنه ولد له القاسم ، والطيب ، والطاهر ، من خديجة فماتوا صغارا وولد له إبراهيم من مارية القبطيّة ، فمات أيضا رضيعا. وكان له من خديجة أربع بنات : زينب ، ورقية وأم كلثوم ،
__________________
(١) عزاه المصنف لابن السائب الكلبي ، وهو ممن يروي الإسرائيليات ، فالله تعالى أعلم.
(٢) النساء : ٦.