قوله تعالى : (وَاذْكُرْنَ) فيه قولان : أحدهما : أنه تذكير لهنّ بالنّعم. والثاني : أنه أمر لهنّ بحفظ ذلك. فمعنى «واذكرن» : واحفظن (ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ) يعني القرآن. وفي الحكمة قولان : أحدهما : أنها السّنّة ، قاله قتادة. والثاني : الأمر والنّهي ، قاله قتادة.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً) أي : ذا لطف بكنّ إذ جعلكنّ في البيوت التي تتلى فيها آياته (خَبِيراً) بكنّ إذ اختاركنّ لرسوله.
(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٣٥))
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) في سبب نزولها خمسة أقوال :
(١١٣٦) أحدها : أنّ نساء رسول الله صلىاللهعليهوسلم قلن : ما له ليس يذكر إلّا المؤمنون ، ولا يذكر المؤمنات بشيء؟! فنزلت هذه الآية ، رواه أبو ظبيان عن ابن عباس.
(١١٣٧) والثاني : أنّ أمّ سلمة قالت : يا رسول الله يذكر الرجال ولا نذكر! فنزلت هذه الآية ، ونزل قوله تعالى : (لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ) (١) ، قاله مجاهد.
(١١٣٨) والثالث : أنّ أمّ عمارة الأنصاريّة قالت : قلت : يا رسول الله بأبي وأمّي ما بال الرّجال يذكرون ، ولا تذكر النساء؟! فنزلت هذه الآية ، قاله عكرمة. وذكر مقاتل بن سليمان أنّ أمّ سلمة وأمّ عمارة قالتا ذلك ، فنزلت الآية في قولهما (٢).
(١١٣٩) والرابع : أنّ الله تعالى لمّا ذكر أزواج رسوله دخل النساء المسلمات عليهنّ فقلن : ذكرتنّ ولم نذكر ، ولو كان فينا خير ذكرنا ، فنزلت هذه الآية ، قاله قتادة.
(١١٤٠) والخامس : أنّ أسماء بنت عميس لمّا رجعت من الحبشة دخلت على نساء
____________________________________
(١١٣٦) إسناده ضعيف. أخرجه الطبري ٢٨٥١٠ والطبراني ١٢ / ١٠٨ من حديث ابن عباس ، وإسناده ضعيف لضعف قابوس بن أبي ظبيان ، وقال الهيثمي ٧ / ٩١ : قابوس ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات اه. فالإسناد ضعيف. مع ذلك فهو شاهد لما بعده وانظر «تفسير الشوكاني» ١٩٩٨ بتخريجنا.
(١١٣٧) أخرجه الحاكم ٢ / ٤١٦ عن مجاهد عن أم سلمة ورجاله ثقات لكن رواية مجاهد عن أم سلمة مرسلة ، وصححه الحاكم! ووافقه الذهبي! وأخرجه أحمد ٦ / ٣٠١ والنسائي في «التفسير» ٤٢٥ والطبري ٢٨٥١٢ من حديث أم سلمة وإسناده حسن رجاله ثقات ، وورد من طرق كثيرة. وأخرجه النسائي ٤٢٤ والطبراني ٢٣ / ٢٦٣ من وجه آخر. وله شاهد هو الآتي.
(١١٣٨) أخرجه الترمذي ٣٢١١ من حديث أم عمارة ، وقال حسن غريب اه. وسليمان بن كثير فيه ضعف ، ومع ذلك هو شاهد لما قبله. وانظر «تفسير الشوكاني» ١٩٩٧ بتخريجنا.
(١١٣٩) مرسل. أخرجه الطبري ٢٨٥٠٥ عن قتادة مرسلا. وانظر ما تقدم.
(١١٤٠) ذكره الواحدي في «الوسيط» ٣ / ٤٧١ و «أسباب النزول» ٧٠٠ عن مقاتل بن حيان بدون إسناد ، وهو مرسل ، ومقاتل ذو مناكير ، والصحيح ما تقدم.
__________________
(١) آل عمران : ١٩٥.
(٢) الحجة بما تقدم.