ابن أبي نجيح. والرابع : أنّ المرأة منهنّ كانت تتّخذ الدّرع من اللؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها غيره ، وذلك في زمن إبراهيم عليهالسلام ، قاله الكلبي. والخامس : أنها كانت تلقي الخمار عن رأسها ولا تشدّه ، فيرى قرطها وقلائدها ، قاله مقاتل. والسادس : أنها كانت تلبس الثياب تبلغ المال ، لا تواري جسدها ، حكاه الفرّاء.
قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) وفيه للمفسّرين خمسة أقوال : أحدها : الشّرك ، قاله الحسن. والثاني : الإثم ، قاله السّدّيّ. والثالث : الشيطان ، قاله ابن زيد. والرابع : الشّكّ. والخامس : المعاصي ، حكاهما الماوردي. قال الزّجّاج : الرّجس : كلّ مستقذر من مأكول أو عمل أو فاحشة. ونصب «أهل البيت» على وجهين : أحدهما : على معنى : أعني أهل البيت. والثاني : على النداء ، فالمعنى : يا أهل البيت. وفي المراد بأهل البيت ها هنا ثلاثة أقوال (١) : أحدها : أنهم نساء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لأنهنّ في بيته ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وبه قال عكرمة ، وابن السّائب ، ومقاتل. ويؤكّد هذا القول أنّ ما قبله وبعده متعلّق بأزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وعلى أرباب هذا القول اعتراض ، وهو أنّ جمع المؤنّث بالنون ، فكيف قيل : «عنكم» «ويطهركم»؟ فالجواب أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيهنّ ، فغلّب المذكّر. والثاني : أنه خاصّ في رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم ، قاله أبو سعيد الخدريّ.
(١١٣٥) وروي عن أنس وعائشة وأمّ سلمة نحو ذلك.
____________________________________
(١١٣٥) أصل الحديث. ورد عن جماعة من الصحابة.
١ ـ حديث أم سلمة ، وله طرق متعددة : الأول : أخرجه الطحاوي في «المشكل» ٧٦٦ من طريق الأجلح عن شهر بن حوشب عن أم سلمة ، وعبد الملك عن عطاء عن أم سلمة. وإسناده حسن في الشواهد ، الأجلح هو ابن عبد الله ، وثقه قوم ، وضعفه آخرون ، وقد تابعه عبد الملك بن أبي سليمان ، وهو ثقة ، لكن لم يسمع عطاء من أم سلمة. وأخرجه أحمد ٦ / ٣٠٤ والترمذي ٣٨٧٦ والطبراني ٢٣ (٧٦٩) عن زبيد بن الحارث عن شهر عن أم سلمة. وإسناده لين لأجل شهر. الطريق الثاني : أخرجه الطحاوي ٧٦٨ والطبري ٢٨٤٩٥ و ٢٨٤٩٧ من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد عن أم سلمة. وإسناده واه لأجل عطية العوفي. الطريق الثالث : أخرجه الطحاوي ٧٦٥ و ٧٧٢ من طريق عمرة بنت أفعى عن أم سلمة. وإسناده ضعيف لجهالة عمرة. الطريق الرابع : أخرجه الطحاوي ٧٦٣ والطبري ٢٨٤٩٨ من طريق عبد الله بن وهب بن زمعة. وإسناده ضعيف ، فيه خالد بن مخلد
__________________
(١) قال الحافظ ابن كثير في «التفسير» ٣ / ٥٩٨ : ثم الذي لا يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلىاللهعليهوسلم داخلات في قوله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ...) ، فإن سياق الكلام معهن ، ولهذا قال تعالى بعد هذا كله (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) أي : واعملن بما ينزل الله على رسوله في بيوتكن من الكتاب والسنة ، قاله قتادة وغيره واحد.
ـ وقال القرطبي رحمهالله في «التفسير» ١٤ / ١٨٢ ـ ١٨٣ : اختلف أهل العلم في أهل البيت من هم؟
ـ فقال عطاء وعكرمة وابن عباس : هم زوجاته خاصة ، لا رجل معهنّ.
ـ وقالت فرقة منهم الكلبي : هم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة.
ـ والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم ، وإنما قال (وَيُطَهِّرَكُمْ) لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعليا وحسنا وحسينا فيهم ، وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلّب المذكر ، فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت ، لأن الآية فيهنّ ، والمخاطبة لهنّ ، يدل عليه سياق الكلام اه ملخصا.