عمر بن الخطّاب وقت الظّهيرة ليدعوه ، فدخل فرأى عمر على حالة كره عمر رؤيته عليها
، فقال : يا رسول الله ، وددت له لو أنّ الله تعالى أمرنا ونهانا في حال الاستئذان
، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس.
(١٠٤١) والثاني : أنّ أسماء بنت مرثد كان لها غلام ، فدخل عليها في وقت كرهته ، فأتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالت : إنّ خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حالة نكرهها ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل. ومعنى الآية : ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ؛ وفيهم قولان (١) : أحدهما : أنه أراد الذّكور دون الإناث ، قاله ابن عمر. والثاني : الذّكور والإناث ، رواه أبو حصين عن أبي عبد الرّحمن. ومعنى الكلام : ليستأذنكم مماليككم في الدّخول عليكم. قال القاضي أبو يعلى : والأظهر أن يكون المراد : العبيد الصغار والإماء الصغار ، لأنّ العبد البالغ بمنزلة الحرّ البالغ في تحريم النّظر إلى مولاته ، فكيف يضاف إلى الصبيان الذين هم غير مكلّفين؟!
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ) وقرأ عبد الوارث : «الحلم» بإسكان اللام (مِنْكُمْ) أي : من أحراركم من الرجال والنساء (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) أي : ثلاثة أوقات ؛ ثم بيّنها فقال : (مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ) وذلك لأنّ الإنسان قد يبيت عريانا ، أو على حالة لا يحبّ أن يطّلع عليه فيها (وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ) أي : القائلة (وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) حين يأوي الرجل إلى زوجته ، (ثَلاثُ عَوْراتٍ) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم : «ثلاث عورات» برفع الثاء من «ثلاث» ، والمعنى : هذه الأوقات هي ثلاث عورات ، لأنّ الإنسان يضع فيها ثيابه ، فربما بدت عورته. وقرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر عن عاصم : «ثلاث عورات» بنصب التاء ؛ قال أبو عليّ : جعلوه بدلا من قوله : «ثلاث مرّات» والأوقات ليست عورات ، ولكنّ المعنى : أنها أوقات ثلاث عورات ، فلمّا حذف المضاف أعرب بإعراب المحذوف. وقرأ أبو عبد الرّحمن السّلمي وسعيد بن جبير والأعمش «عورات» بفتح الواو (لَيْسَ عَلَيْكُمْ) يعني المؤمنين الأحرار (وَلا عَلَيْهِمْ) يعني الخدم والغلمان (جُناحٌ) أي : حرج (بَعْدَهُنَ) أي بعد مضيّ هذه الأوقات في أن لا يستأذنوا ، فرفع الحرج عن الفرقين (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) أي : هم طوافون عليكم (بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ) أي : يطوف بعضكم وهم المماليك على بعض وهم الأحرار.
____________________________________
«تخريج الكشاف» ٣ / ٢٥٣ : هكذا نقله الثعلبي والواحدي والبغوي عن ابن عباس رضي الله عنهما بغير سند اه. فالخبر لا أصل له ، يعني : لا إسناد له. وانظر «أحكام القرآن» ١٦٢١ بتخريجنا.
(١٠٤١) كذا ذكره الواحدي في «الأسباب» ٦٤٩ عن مقاتل بدون إسناد ، وهذا معضل ، وهو بدون إسناد.
__________________
(١) قال ابن كثير رحمهالله في «تفسيره» ٣ / ٣٧٧ : هذه الآيات اشتملت على استئذان الأقارب بعضهم على بعض.
وما تقدم في أول السورة فهو استئذان الأجانب بعضهم على بعض ، فأمر الله تعالى المؤمنين أن يستأذنهم خدمهم مما ملكت أيمانهم وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم منهم في ثلاثة أحوال : الأول من قبل صلاة الغداة ، لأن الناس إذ ذاك يكونون نياما في فرشهم (وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ) أي : وقت القيلولة ، لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال (وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) لأنه وقت نوم فيؤمر الخدم والأطفال ألا يهجموا على أهل البيت في هذه الأحوال ، لما يخشى من أن يكون الرجل مع أهله ، أو نحو ذلك من الأعمال. وإذا دخلوا في غير هذه الأحوال فلا جناح عليكم في تمكينكم إياهم من ذلك ، وقد أذن لهم في الهجوم.