عن نافع : «ويتّقه فأولئك» بكسر الهاء لا يبلغ بها الياء. وقرأ أبو عمرو ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم : «ويتّقه» جزما.
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٥٣) قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٥٤))
قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ) قال المفسّرون : لمّا نزل في هؤلاء المنافقين ما نزل من بيان كراهتهم لحكم الله ، قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : والله لو أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا ونسائنا لخرجنا ، فكيف لا نرضى حكمك؟! فنزلت هذه الآية. وقد بيّنّا معنى (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) (١) ، (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَ) من أموالهم وديارهم ، وقيل : ليخرجنّ إلى الجهاد (قُلْ لا تُقْسِمُوا) هذا تمام الكلام ؛ ثمّ قال : (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) قال الزّجّاج : المعنى : أمثل من قسمكم الذي لا تصدقون فيه طاعة معروفة. قال ابن قتيبة : وبعض النّحويين يقول : الضمير فيها : لتكن منكم طاعة معروفة ، أي : صحيحة لا نفاق فيها. قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) هذا خطاب لهم ، والمعنى : فإن تتولّوا ، فحذف إحدى التّاءين ، ومعنى التّولّي : الإعراض عن طاعة الله ورسوله ، (فَإِنَّما عَلَيْهِ) يعني : الرّسول (ما حُمِّلَ) من التّبليغ (وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) من الطّاعة ؛ وذكر بعض المفسّرين أنّ هذا منسوخ بآية السيف ، وليس بصحيح. قوله تعالى : (وَإِنْ تُطِيعُوهُ) يعني : رسول الله صلىاللهعليهوسلم (تَهْتَدُوا) ، وكان بعض السّلف يقول : من أمّر السّنّة على نفسه قولا وفعلا ، نطق بالحكمة ، ومن أمّر البدعة الهوى على نفسه قولا وفعلا ، نطق بالبدعة ، لقوله تعالى : (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا).
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٥٥) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦))
قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ).
(١٠٣٨) روى أبو عبد الله الحاكم في «صحيحه» من حديث أبيّ بن كعب ، قال : لمّا قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار ، رمتهم العرب عن قوس واحدة ، كانوا لا يبيتون إلّا في
__________________
(١٠٣٨) أخرجه الحاكم ٢ / ٤٠١ والطبراني في «الأوسط» ٧٠٢٥ والواحدي في «أسباب النزول» ٦٤٧ والبيهقي في «الدلائل» ٣ / ٦ ـ ٧ من طريق أبي العالية عن أبي بن كعب. وإسناده لين. مداره على علي بن حسين بن واقد ، وهو لين الحديث ، ضعفه أبو حاتم ، وقال النسائي وغيره : ليس به بأس. وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وقال الهيثمي في «المجمع» ١١٢٣٧ : رجاله ثقات اه. وانظر «أحكام القرآن» ١٦١٠.
__________________
(١) سورة المائدة : ٥٣.