والجمهور. والثاني : بيوت أزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قاله مجاهد. والثالث : بيت المقدس ، قاله الحسن.
فأمّا (أَذِنَ) فمعناه : أمر. وفي معنى (أَنْ تُرْفَعَ) قولان : أحدهما : أن تعظّم ، قاله الحسن ، والضّحّاك. والثاني : أن تبنى ، قاله مجاهد ، وقتادة.
وفي قوله تعالى : (وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) قولان : أحدهما : توحيده ؛ رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني : يتلى فيها كتابه ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
قوله تعالى : (يُسَبِّحُ) قرأ ابن كثير ، وعاصم ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائيّ : «يسبّح» بكسر الباء ؛ وقرأ ابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم : بفتحها. وقرأ معاذ القارئ ، وأبو حيوة : «تسبّح» بتاء مرفوعة وكسر الباء ورفع الحاء. وفي قوله تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها) قولان :
أحدهما : أنه الصّلاة. ثم في صلاة الغدوّ قولان : أحدهما : أنها صلاة الفجر ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني : صلاة الضّحى ، روى ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال : إنّ صلاة الضّحى لفي كتاب الله ، وما يغوص عليها إلّا غوّاص ، ثم قرأ «يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال». وفي صلاة الآصال قولان : أحدهما : أنها صلاة الظّهر والعصر والمغرب والعشاء ، قاله ابن السّائب. والثاني : صلاة العصر ، قاله أبو سليمان الدّمشقي.
والقول الثاني : أنه التّسبيح المعروف ، ذكره بعض المفسّرين.
قوله تعالى : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ) أي : لا تشغلهم (١) (تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ) قال ابن السّائب : التّجّار : الجلّابون ، والباعة : المقيمون. وقال الواقدي : التّجارة ها هنا بمعنى الشّراء. وفي المراد بذكر الله ثلاثة أقوال : أحدها : الصّلاة المكتوبة ، قاله ابن عباس ، وعطاء ، وروى سالم عن ابن عمر أنه كان في السّوق فأقيمت الصلاة ، فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد ، فقال ابن عمر : فيهم نزلت «رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله». والثاني : عن القيام بحقّ الله ، قاله قتادة. والثالث : عن ذكر الله باللسان ، ذكره أبو سليمان الدّمشقي.
__________________
أنها بيوت بنيت للصلاة ، وهي المساجد. ووافقه ابن كثير رحمهالله في «تفسيره» ٣ / ٣٦٤ ، وقال : لما ضرب الله مثل قلب المؤمن وما فيه من الهدى والعلم بالمصباح في الزجاجة الصافية المتوقد من زيت طيب ، وذلك كالقنديل مثلا ، ذكر محلها وهي المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى من الأرض ، وهي بيوته التي يعبد فيها ويوحد.
(١) قال ابن كثير رحمهالله في «تفسيره» ٣ / ٣٦٧ : فقوله (رِجالٌ) فيه إشعار بهممهم السامية ونياتهم وعزائمهم العالية ، التي صاروا عمارا للمساجد ، التي هي بيوت الله في أرضه ، ومواطن عبادته وشكره ، وتوحيده وتنزيهه. وقوله : (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) ، كقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ). وقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) فمعنى قوله تعالى : لا تشغلهم الدنيا وزخرفها وزينتها ، وملاذ بيعها وربحها ، عن ذكر ربهم الذي هو خالقهم ورازقهم ، والذين يعلمون أن الذي عنده هو خير لهم وأنفع مما بأيديهم ، لأن ما عندهم ينفد وما عند الله باق ، فيقدمون طاعته ومراده ومحبته على مرادهم ومحبتهم. فأما النساء فصلاتهن في بيوتهن أفضل لهن. قال : هذا ويجوز لها شهود جماعة الرجال بشرط أن لا تؤذي أحدا من الرجال بظهور زينة ولا ريح طيب.