عباس. والثاني : الأبلّة ، قاله ابن سيرين. والثالث : باجروان ، قاله مقاتل. قوله تعالى : (اسْتَطْعَما أَهْلَها) أي : سألاهم الضّيافة (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) روى المفضّل عن عاصم : «يضيفوهما» بضمّ الياء الأولى وكسر الضاد وتخفيف الياء الثانية. وقرأ أبو الجوزاء كذلك ، إلّا أنه فتح الياء الأولى وقرأ الباقون : «يضيّفوهما» بفتح الضاد وتشديد الياء الثانية وكسرها. قال أبو عبيدة : ومعنى يضيّفوهما : ينزلوهما منزل الأضياف ، يقال : ضفت أنا ، وأضافني الذي ينزلني. وقال الزّجّاج : يقال : ضفت الرجل : إذا نزلت عليه ، وأضفته : إذا أنزلته وقريته. قال ابن قتيبة : يقال : ضيّفت الرجل : إذا أنزلته منزلة الأضياف ، ومنه هذه الآية ، وأضفته : أنزلته ، وضفته : نزلت عليه.
(٩٤٠) وروى أبيّ بن كعب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كانوا أهل قرية لئاما».
قوله تعالى : (فَوَجَدا فِيها جِداراً) أي : حائطا. قال ابن فارس : وجمعه جدر ، والجدر : أصل الحائط. ومنه حديث الزّبير : «ثم دع الماء يرجع إلى الجدر» (١) ، والجيدر : القصير.
قوله تعالى : (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) وقرأ أبيّ بن كعب ، وأبو رجاء : «ينقاض» بألف ممدودة ، وضاد معجمة ، وقرأ ابن مسعود ، وأبو العالية ، وأبو عثمان النّهدي : «ينقاص» بألف ومدّة وصاد غير معجمة ، وكلّه بلا تشديد. قال الزّجّاج : فمعنى : ينقضّ : يسقط بسرعة ، وينقاص ، غير معجمة : ينشقّ طولا ، يقال : انقاصت سنّه : إذا انشقّت. قال ابن مقسم : يقال انقاصت سنّه ، وانقاضت ـ بالصاد ، والضاد ـ على معنى واحد.
فإن قيل : كيف نسبت الإرادة إلى ما لا يعقل؟
فالجواب : أنّ هذا على وجه المجاز تشبيها بمن يعقل ، ويريد : لأنّ هيأته في التّهيّؤ للوقوع قد ظهرت كما يظهر من أفعال المريدين القاصدين ، فوصفت بالإرادة إذ كانت الصّورتان واحدة ، وقد أضافت العرب الأفعال إلى ما لا يعقل تجوّزا ، قال الله عزوجل : (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى) (٢) والغضب لا يسكت ، وإنما يسكت صاحبه ، وقال : (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) (٣). وأنشدوا من ذلك :
إنّ دهرا يلفّ شملي بجمل |
|
لزمان يهمّ بالإحسان (٤) |
وقال آخر :
ضحكوا والدّهر عنهم ساكت |
|
ثم أبكاهم دما لمّا نطق |
وقال آخر :
يريد الرّمح صدر أبي براء |
|
ويرغب عن دماء بني عقيل (٥) |
____________________________________
(٩٤٠) صحيح. أخرجه مسلم ٢٣٨٠ ح ١٧٢ وقد تقدم.
__________________
(١) أخرجه البخاري وغيره ، وتقدّم.
(٢) سورة الأعراف : ١٥٤.
(٣) سورة محمد : ٢١.
(٤) البيت غير منسوب في «اللسان» ـ دهر ـ و «أمالي المرتضى» ٤ / ٥٥ ، وقد نسبه الآلوسي في «روح المعاني» : ١٦ / ٦ إلى حسان بن ثابت ولم يوجد في ديوانه.
(٥) البيت للراعي كما في «الكشاف» ٢ / ٦٨٩.