(أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٠٨))
قوله تعالى : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ). في سبب نزولها خمسة أقوال :
(٢٩) أحدها : أن رافع بن حريملة ، ووهب بن زيد ، قالا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : ائتنا بكتاب نقرؤه تنزله من السماء علينا ، وفجّر لنا أنهارا حتى نتبعك ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس.
(٣٠) والثاني : أن قريشا سألت النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يجعل لهم الصّفا ذهبا ، فقال : «هو لكم كالمائدة لبني إسرائيل» فأبوا. قاله مجاهد.
(٣١) والثالث : أن رجلا قال : يا رسول الله ، لو كانت كفّاراتنا ككفارات بني إسرائيل ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «اللهمّ لا نبغيها ، ما أعطاكم الله خير ممّا أعطى بني إسرائيل ، كانوا إذا أصاب أحدهم الخطيئة ؛ وجدها مكتوبة على بابه وكفّارتها ، فإن كفّرها كانت له خزيا في الدّنيا ، وإن لم يكفّرها كانت له خزيا في الآخرة ، فقد أعطاكم الله خيرا ممّا أعطى بني إسرائيل ، فقال : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً) (١١٠) (١) الآية. وقال : «الصّلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة كفّارات لما بينهنّ» فنزلت هذه الآية ، قاله أبو العالية.
(٣٢) والرابع : أن عبد الله بن أبي أميّة المخزوميّ أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم في رهط من قريش ، فقال : يا محمّد ، والله لا أؤمن بك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا ، فنزلت هذه الآية. ذكره ابن السّائب.
(٣٣) والخامس : أن جماعة من المشركين جاءوا إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال بعضهم : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا. وقال آخر : لن أؤمن حتى تسيّر لنا جبال مكّة ، وقال عبد الله بن أبي أميّة : لن أؤمن لك حتى تأتي بكتاب من السماء ، فيه : من الله ربّ العالمين إلى ابن أميّة : اعلم أني قد أرسلت محمّدا إلى النّاس. وقال آخر : هلّا جئت بكتابك مجتمعا ، كما جاء موسى بالتّوراة. فنزلت هذه الآية. ذكره محمّد بن إسحاق الأنباريّ.
وفي المخاطبين بهذه الآية ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم قريش ، قاله ابن عباس ومجاهد. والثاني :
____________________________________
(٢٩) ضعيف. أخرجه الطبري ١٧٨٠ عن ابن عباس. وإسناده ضعيف لجهالة محمد بن أبي محمد.
(٣٠) ضعيف جدا. أخرجه الطبري ١٧٨٣ و ١٧٨٤ عن مجاهد مرسلا ، والمرسل من قسم الضعيف عند أهل الحديث. ثم إن السورة مدنية ، وسياق الخبر يدل على أنه مكي؟!.
(٣١) ضعيف. أخرجه الطبري ١٧٨٦ عن أبي العالية مرسلا. والمرسل من قسم الضعيف. لكن قوله : «والصلوات .... بينهن» ورد في أحاديث أخر. وانظر «تفسير الشوكاني» ١ / ١٥٠ بتخريجنا.
(٣٢) لا أصل له ، ذكره الواحدي نقلا عن المفسرين بلا سند في «أسباب النزول» ٥٠.
ـ وعزاه المصنف لابن السائب ، وهو الكلبي ، وقد كذبه غير واحد ، ورواياته ساقطة ليست بشيء.
ـ ثم إن السورة مدنية ، وسياق الخبر أنه مكي؟!.
(٣٣) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٥٠ بلا سند نقلا عن المفسرين. فهو كسابقه.
__________________
(١) النساء : ١١٠.