(٤٦١) وروى أبو صالح عن ابن عباس ، قال : كانوا عشرة : أبو بكر ، وعمر ، وعليّ ، وابن مسعود ، وعثمان بن مظعون ، والمقداد بن الأسود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وسلمان الفارسيّ ، وأبو ذرّ ، وعمّار بن ياسر ، اجتمعوا في دار عثمان بن مظعون ، فتواثقوا على ذلك ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «من رغب عن سنّتي فليس منّي» ونزلت هذه الآية.
(٤٦٢) قال السّدّيّ : كان سبب عزمهم على ذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم جلس يوما ، فلم يزدهم على التّخويف ، فرقّ الناس ، وبكوا ، فعزم هؤلاء على ذلك ، وحلفوا على ما عزموا عليه.
(٤٦٣) وقال عكرمة : إنّ عليّ بن أبي طالب ، وابن مسعود ، وعثمان بن مظعون ، والمقداد ، وسالما مولى أبي حذيفة في أصحابه ، تبتّلوا ، فجلسوا في البيوت ، واعتزلوا النساء ، ولبسوا المسوح (١) ، وحرّموا طيّبات الطعام واللباس ، إلّا ما يأكل ويلبس أهل السّياحة من بني إسرائيل ، وهمّوا بالاختصاء ، وأجمعوا لقيام الليل وصيام النّهار ، فنزلت هذه الآية.
(٤٦٤) والثاني : أنّ رجلا أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : إنّي إذا أكلت من هذا اللحم ، أقبلت على النّساء ، وإنّي حرّمته عليّ ، فنزلت هذه الآية ، رواه عكرمة عن ابن عباس.
(٤٦٥) والثالث : أنّ ضيفا نزل بعبد الله بن رواحة ، ولم يكن حاضرا ، فلمّا جاء ، قال لزوجته : هل أكل الضّيف؟ فقالت : انتظرتك. فقال : حبست ضيفي من أجلي؟! طعامك عليّ حرام. فقالت : وهو عليّ حرام إن لم تأكله ، فقال الضّيف : وهو عليّ حرام إن لم تأكلوه ، فلمّا رأى ذلك ابن رواحة قال : قرّبي طعامك ، كلوا بسم الله ، ثمّ غدا إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأخبره بذلك فقال : أحسنت ، ونزلت هذه الآية ، وقرأ حتى بلغ (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) ، رواه عبد الرحمن بن زيد عن أبيه.
فأمّا «الطّيّبات» فهي اللذيذات التي تشتهيها النّفوس ممّا أبيح ، وفي قوله تعالى : (وَلا تَعْتَدُوا) خمسة أقوال : أحدها : لا تجبّوا أنفسكم ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وإبراهيم. والثاني : لا
____________________________________
(٤٦١) عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس ، وأبو صالح غير ثقة في روايته عن ابن عباس ، وراويته هو الكلبي ، وهو ممن يضع الحديث ، وذكر أبي بكر وعمر في هذا الحديث غريب جدا.
(٤٦٢) أخرجه الطبري ١٢٣٤٩ عن السدي مرسلا مطولا ، وهذا المتن أصله محفوظ بشواهده المرسلة والموصولة.
(٤٦٣) هو مرسل ، وانظر ما تقدم.
(٤٦٤) ضعيف. أخرجه الترمذي ٣٠٥٤ والطبري ٢٣٥٤ وابن عدي ٥ / ١٠٧٠ والواحدي ٤١٠ من حديث ابن عباس. وإسناده ضعيف لضعف عثمان بن سعد الكاتب ، وبه أعله ابن عدي. وأما الترمذي فقال : حسن غريب ، ورواه بعضهم عن عثمان بن سعد مرسلا ، ليس فيه عن ابن عباس ، ورواه خالد الحذاء عن عكرمة مرسلا اه. قلت : هو خبر ضعيف ، والصواب ما ذكره أئمة التفسير ومنهم ابن عباس ، انظر الحديث المتقدم. انظر «أحكام القرآن» ٧٤٠ بتخريجنا.
(٤٦٥) ضعيف جدا ، أخرجه الطبري ١٢٣٥٣ عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه مرسلا ، ومع إرساله عبد الرحمن متروك الحديث. والصحيح في سبب النزول ما قبله. وحديث ابن رواحة في الصحيح ، وليس فيه ذكر نزول الآية راجع البخاري ٣٥٨١ وصحيح مسلم ٢٠٥٧. وانظر «أحكام القرآن» ٧٣٨ بتخريجنا.
__________________
(١) في «اللسان» : المسوح : جمع مسح : وهو كساء من شعر يلبسه الرهبان.