قوله تعالى : (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) ، أي : مع من يشهد بالحقّ. وللمفسّرين في المراد بالشّاهدين هاهنا أربعة أقوال : أحدها : محمّد وأمّته ، رواه عليّ بن أبي طلحة ، وعكرمة عن ابن عباس. والثاني : أصحاب محمّد صلىاللهعليهوسلم ، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث : الذين يشهدون بالإيمان ، قاله الحسن. والرابع : الأنبياء والمؤمنون ، قاله الزجّاج.
(وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٨٦))
قوله تعالى : (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ) قال ابن عباس : لامهم قومهم على الإيمان ، فقالوا هذا ، وفي القوم الصّالحين ثلاثة أقوال : أحدها : أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قاله ابن عباس. والثاني : رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، قاله ابن زيد. والثالث : المهاجرون الأوّلون ، قاله مقاتل.
قوله تعالى : (وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) قال ابن عباس : ثواب المؤمنين.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) في سبب نزولها ثلاثة أقوال :
(٤٦٠) أحدها : أنّ رجالا من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، منهم عثمان بن مظعون ، حرّموا اللحم والنّساء على أنفسهم ، وأرادوا جبّ أنفسهم ليتفرّغوا للعبادة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لم أومر بذلك» ، ونزلت هذه الآية ، رواه العوفيّ عن ابن عباس.
____________________________________
(٤٦٠) حسن. أخرجه الطبري ١٢٣٥٠ وفيه إرسال بين علي بن أبي طلحة وابن عباس وكرره ١٢٣٥١ من وجه آخر عنه ، وفيه عطية العوفي واه ، وورد مرسلا عن عكرمة أخرجه الطبري وهذا ضعيف لإرساله ومن مرسل قتادة أخرجه الطبري ١٢٣٤٨ مطولا ، ومن مرسل السدي أخرجه ١٢٣٤٩ وكرره ١٢٣٤٠ من مرسل أبي مالك و ١٢٣٤٥ من مرسل أبي قلابة. وذكره الواحدي في «الأسباب» ٤١١ بقوله : قال المفسرون اه. رووه بألفاظ متقاربة ، والمعنى متحد ، وهذه الروايات المرسلة والموصولة تتأيد بمجموعها ، فالحديث حسن.
ـ وفي الصحيح أن عثمان بن مظعون نهاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن التبتل دون ذكر الآية وهو عند البخاري ٥٠٧٣ و ٥٠٧٤ ، ومسلم ١٤٠٢ والترمذي ١٠٨٣ والنسائي ٦ / ٥٨ وابن ماجة ١٨٤٨ وأحمد ١ / ١٧٥ ـ ١٨٣ والدارمي ٢ / ١٣٣ وابن حبان ٤٠٢٧ والبغوي ٢٢٣٧ والبيهقي ٧ / ٩٧ من حديث سعد بن أبي وقاص قال : ردّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا. وانظر «أحكام القرآن» ٧٣٧.
__________________
قوم قالوا : (إِنَّا نَصارى) ، أن نبي الله صلىاللهعليهوسلم يجدهم أقرب الناس ودادا لأهل الإيمان بالله ورسوله ، ولم يسمّ لنا أسماءهم ، وقد يجوز أن يكون أريد بذلك أصحاب النجاشي ، ويجوز أن يكونوا قوما كانوا على شريعة عيسى ، فأدركهم الإسلام فأسلموا لما سمعوا القرآن وعرفوا أنه الحق ، ولم يستكبروا عنه.