قيمة ثلاثة دراهم من العروض وهو قول مالك. وقال أبو حنيفة : لا يقطع حتى تبلغ السّرقة عشرة دراهم. وقال الشّافعيّ : الاعتبار في ذلك بربع دينار ، وغيره مقوّم به ، فلو سرق درهمين قيمتهما ربع دينار ، قطع ، فإن سرق نصابا من التّبر ، فعليه القطع. وقال أبو حنيفة : لا يقطع حتى يبلغ ذلك نصابا مضروبا ، فإن سرق منديلا لا يساوي نصابا ، في طرفه دينار ، وهو لا يعلم ، لا يقطع. وقال الشّافعيّ : يقطع. فإن سرق ستارة الكعبة ، قطع ، خلافا لأبي حنيفة. فإن سرق صبيا صغيرا حرّا ، لم يقطع ، وإن كان على الصّغير حليّ. وقال مالك : يقطع بكلّ حال. وإذا اشترك جماعة في سرقة نصاب ، قطعوا (١) ، وبه قال مالك ، إلا أنه اشترط أن يكون المسروق ثقيلا يحتاج إلى معاونة بعضهم لبعض في إخراجه. وقال أبو حنيفة ، والشّافعيّ : لا قطع عليه بحال ويجب القطع على جاحد العارية عندنا ، وبه قال سعيد بن المسيّب ، والليث بن سعد ، خلافا لأكثر الفقهاء.
فصل : فأمّا الحرز ، فهو ما جعل للسّكنى ، وحفظ الأموال ، كالدّور والمضارب والخيم التي يسكنها الناس ، ويحفظون أمتعتهم بها ، فكلّ ذلك حرز ، وإن لم يكن فيه حافظ ولا عنده ، وسواء سرق من ذلك وهو مفتوح الباب ، أو لا باب له إلا أنه محجّر بالبناء. فأمّا ما كان في غير بناء ولا خيمة ، فإنه ليس في حرز إلّا أن يكون عنده من يحفظه. ونقل الميمونيّ عن أحمد : إذا كان المكان مشتركا في الدّخول إليه ، كالحمّام والخيمة لم يقطع السّارق منه ، ولم يعتبر الحافظ. ونقل عنه ابن منصور : لا يقطع سارق الحمّام إلا أن يكون على المتاع أجير حافظ. فأمّا النّبّاش ، فقال أحمد في رواية أبي طالب :
يقطع ، وبه قال مالك ، والشّافعيّ ، وابن أبي ليلى. وقال الثّوريّ ، والأوزاعيّ ، وأبو حنيفة : لا يقطع.
فصل : فأمّا موضع قطع السّارق (٢) ، فمن مفصل الكفّ ، ومن مفصل الرّجل. فأمّا اليد اليسرى
__________________
(١) جاء في «المغني» ١٢ / ٤٦٨ : «وإذا اشترك الجماعة في سرقة قيمتها ثلاثة دراهم قطعوا» قال الإمام الموفق :
وبهذا قال مالك وأبو ثور. وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق : لا قطع عليهم إلا أن تبلغ حصة كل واحد منهم نصابا ، كما لو انفرد كل واحد بدون النصاب اه ملخصا. وانظر «تفسير القرطبي» ٦ / ١٤٦. وجاء في «المغني» ١٣ / ١٧٢ ـ ١٧٣ : «ولا يقام الحد على المسلم في أرض العدو» وجملته أن من أتى حدا من الغزاة ، أو ما يوجب قصاصا في أرض الحرب ، لم يقم عليه حتى يقفل ، فيقام عليه حده ، وبهذا قال الأوزاعي وإسحاق : وقال مالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر : يقام الحد في كل موضع ، لأن الله تعالى أمر بإقامته في كل مكان وزمان ، إلا أن الشافعي قال : إذا لم يكن أمير الجيش الإمام ، أو أمير إقليم ، فليس له إقامة الحد ، ويؤخّر حتى يأتي الإمام. لأن إقامة الحدود إليه ، وكذلك إن كان بالمسلمين حاجة إلى المحدود ، أو قوة به ، أو شغل عنه أخّر. وقال أبو حنيفة : لا حد ولا قصاص في دار الحرب ولا إذا رجع. اه ملخصا. وانظر «تفسير القرطبي» ٦ / ١٧١ بتخريجي.
(٢) قال الإمام الموفق رحمهالله في «المغني» ١٢ / ٤٤٠ : لا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه يده اليمنى من مفصل الكف ، وهو الكوع ، لأنها آلة السرقة ، فناسب عقوبته بإعدام آلتها ، وإذا سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى ، وبذلك قال جماعة إلا عطاء حكي عنه أنه تقطع يده اليسرى ، وروي عن داود وربيعة ، وهذا شذوذ يخالف قول جماعة فقهاء الأمصار من أهل الفقه والأثر ، من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم ، وقول أبي بكر وعمر. وأما الآية فالمراد بها قطع يد كل واحد منهما. وفي قراءة ابن مسعود «فاقطعوا أيمانهما» إذا ثبت هذا ، فإنه تقطع رجله اليسرى لقوله تعالى : (أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ) وتقطع الرجل من مفصل الكعب في قول أكثر أهل العلم ، وفعل ذلك عمر وكان علي يقطع من نصف القدم ، من معقد الشراك ،