(وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً (١٣٠) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً (١٣١) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٣٢))
قوله تعالى : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا) يقول : وإن أبت المرأة أن تسمح لزوجها بإيثار التي يميل إليها ، واختارت الفرقة ، فإنّ الله يغني كلّ واحد من سعته. قال ابن السّائب : يغني المرأة برجل ، والرجل بامرأة. ثم ذكر ما يوجب الرّغبة إليه في طلب الخير ، فقال : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) يعني : أهل التّوراة ، والإنجيل ، وسائر الكتاب (وَإِيَّاكُمْ) يا أهل القرآن (أَنِ اتَّقُوا اللهَ) قيل : وحّدوه (وَإِنْ تَكْفُرُوا) بما أوصاكم به (فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) فلا يضرّه خلافكم. وقيل : له ما في السماوات ، وما في الأرض من الملائكة ، فهم أطوع له منكم. وقد ذكرنا في سورة البقرة معنى «الغنيّ الحميد» (١) ، وفي آل عمران معنى «الوكيل» (٢).
(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً (١٣٣))
قوله تعالى : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ) قال ابن عباس : يريد المشركين والمنافقين (وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) أطوع له منكم. وقال أبو سليمان : هذا تهدّد للكفّار ، يقول : إن يشأ يهلككم كما أهلك من قبلكم إذ كفروا به ، وكذّبوا رسله.
(مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً (١٣٤))
قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا) قيل : إنّ هذه الآية نزلت من أجل المنافقين كانوا لا يصدّقون بالقيامة ، وإنما يطلبون عاجل الدنيا ، ذكره أبو سليمان. وقال الزجّاج : كان مشركو العرب يتقرّبون إلى الله ليعطيهم من خير الدنيا ، ويصرف عنهم شرّها ، ولا يؤمنون بالبعث ، فأعلم الله عزوجل أن خير الدنيا والآخرة عنده. وذكر الماورديّ أن المراد بثواب الدنيا : الغنيمة في الجهاد ، وثواب الآخرة : الجنّة. قال : والمراد بالآية : حثّ المجاهد على قصد ثواب الله.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٣٥))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) في سبب نزولها قولان :
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٦٧.
(٢) سورة آل عمران : ١٧٣.