(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١١٦))
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) في سبب نزولها قولان :
أحدهما : أنها نزلت في حقّ طعمة بن أبيرق لمّا هرب من مكّة ، ومات على الشّرك ، وهذا قول الجمهور ، منهم سعيد بن جبير.
(٣٦٦) والثاني : أن شيخا من الأعراب جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إني منهمك في الذّنوب ، إلا أنّي لم أشرك بالله منذ عرفته ، وإني لنادم مستغفر ، فما حالي؟ فنزلت هذه الآية ، روي عن ابن عباس. فأمّا تفسيرها ، فقد تقدّم.
(إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطاناً مَرِيداً (١١٧) لَعَنَهُ اللهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (١١٨))
قوله تعالى : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) ، «إن» بمعنى : «ما» و (يَدْعُونَ) بمعنى : يعبدون. والهاء في (دُونِهِ) ترجع إلى الله عزوجل. والقراءة المشهورة (إِناثاً). وقرأ سعد بن أبي وقّاص ، وعبد الله بن عمر ، وأبو مجلز ، وأبو المتوكّل ، وأبو الجوزاء : «إلا وثنا» ، بفتح الواو ، والثاء من غير ألف. وقرأ ابن عباس ، وأبو رزين : «أنثا» ، برفع الهمزة والنون من غير ألف. وقرأ أبو العالية ، ومعاذ القارئ ، وأبو نهيك : (إناثا) ، برفع الهمزة وبألف بعد الثاء. وقرأ أبو هريرة ، والحسن ، والجونيّ : «إلا أنثى» ، على وزن «فعلى». وقرأ أيوب السّختيانيّ : «إلا وثنا» ، برفع الواو والثاء من غير ألف. وقرأ مورّق العجليّ : (أثنا) ، برفع الهمزة والثاء من غير ألف. قال الزجّاج : فمن قال : إناثا ، فهو جمع أنثى وإناث ، ومن قال : أنثا ، فهو جمع إناث ، ومن قال : أثنا ، فهو جمع وثن ، والأصل : وثن ، إلا أن الواو إذا انضمّت جاز إبدالها همزة ، كقوله تعالى : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) (١) الأصل : وقّتت. وجائز أن يكون أثن أصلها : أثن ، فأتبعت الضّمّة الضّمّة ، وجائز أن يكون أثن ، مثل أسد وأسد.
____________________________________
(٣٦٦) واه بمرة. عزاه الشوكاني في «فتح القدير» ١ / ٥٩٥ للثعلبي عن الضحاك عن ابن عباس ، وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» ١ / ٥٦٦ : هو منقطع اه.
قلت : والثعلبي يروي الموضوعات. والضحاك لم يلق ابن عباس ، وعامة روايات الضحاك إنما هي من طريق جويبر بن سعيد ذاك المتروك ، ويجتنب أهل التفسير ذكره بسبب وضوح حاله ، فالخبر واه بمرة.
__________________
يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) [القلم : ٤٤] وقال تعالى : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) [الصف : ٥] وجعل النار مصيره في الآخرة لأن من خرج عن الهدى لم يكن له طريق إلا إلى النار يوم القيامة ، كما قال تعالى : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) [الصافات : ٢٢ ـ ٢٣] وقال تعالى : (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) [الكهف : ٥٣].
(١) سورة المرسلات : ١١.