الضّحّاك عن ابن عباس : هو عائشة لمّا قذفها ابن أبيّ ، وقال قتادة بن النّعمان : هو لبيد بن سهل ، وقال السّدّيّ ، ومقاتل : هو أبو مليل الأنصاريّ.
فأمّا البهتان : فهو الكذب الذي يحيّر من عظمه ، يقال : بهت الرّجل : إذا تحيّر. قال ابن السّائب : فقد احتمل بهتانا برميه البريء ، وإثما مبينا بيمينه الكاذبة.
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (١١٣))
قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ) في سبب نزولها قولان :
أحدهما : أنها متعلّقة بقصّة طعمة وقومه ، حيث لبّسوا على النبيّ صلىاللهعليهوسلم أمر صاحبهم ، هذا قول ابن عباس من طريق ابن السّائب (١).
(٣٦٣) والثاني : أنّ وفد ثقيف قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : جئناك نبايعك على أن لا نحشر ولا نعشر ، وعلى أن تمتّعنا بالعزّى سنة ، فلم يجبهم ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن عباس في رواية الضّحّاك.
وفي المراد بفضل الله ورحمته قولان : أحدهما : النّبوّة والعصمة. والثاني : الإسلام والقرآن ، رويا عن ابن عباس. قال مقاتل : لو لا فضل الله عليك حيث بيّن لك أمر طعمة وحوّلك بالقرآن عن تصديق الخائن ؛ لهمّت طائفة منهم أن يضلّوك. قال الفرّاء : والمعنى لقد همّت. فإن قيل : كيف قال : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ) وقد همّت بإضلاله؟ فالجواب : أنه لو لا فضل الله ، لظهر تأثير ما همّوا به. فأمّا الطّائفة ، فعلى رواية ابن السّائب عن ابن عباس : قوم طعمة ، وعلى رواية الضّحّاك : وفد ثقيف.
وفي الإضلال قولان (٢) : أحدهما : التّخطئة في الحكم : والثاني : الاستزلال عن الحقّ. قال
____________________________________
(٣٦٣) لا أصل له. عزاه المصنف للضحاك عن ابن عباس ، والضحاك لم يلق ابن عباس ، ورواية الضحاك هو جويبر بن سعيد ، وهو متروك ، وقد رويا عن ابن عباس تفسيرا مصنوعا ، وانظر المقدمة.
ـ وخبر وفد ثقيف ورد بسياق آخر مطول ، وليس فيه نزول الآية. انظر «طبقات» ابن سعد ١ / ٢٣٧ ـ ٢٣٨.
__________________
(١) هذا واه ، ابن السائب هو الكلبي كذبه غير واحد.
(٢) قال ابن كثير رحمهالله في «تفسيره» ١ / ٥٦٦ ـ ٥٦٧ : عن قتادة بن النعمان وذكر قصة بني أبيرق فأنزل الله (لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ) يعني أسيد بن عروة وأصحابه ، يعني بذلك لما أثنوا على بني أبيرق ولاموا قتادة بن النعمان في كونه اتهمهم وهم صلحاء برآء ولم يكن الأمر كما أنهوه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لهذا أنزل الله فصل القضية وجلاءها لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم امتن عليه بتأييده إياه في جميع الأحوال ، وعصمته له ، وما أنزل عليه من الكتاب ، وهو القرآن ، والحكمة وهي السنة (عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) أي قبل نزول ذلك عليك كقوله (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ) إلى آخر السورة. وقال تعالى : (وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) ولهذا قال (وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً).