وباله عليه. قاله مقاتل. وهذه في طعمة أيضا.
(وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (١١٢))
قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً) جمهور العلماء على أنها نزلت متعلّقة بقصّة طعمة بن أبيرق.
(٣٦٢) وقد روى الضّحاك عن ابن عباس أنها نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول إذ رمى عائشة عليهاالسلام بالإفك.
وفي قوله تعالى : (خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً) أربعة أقوال (١) : أحدها : أنّ «الخطيئة» يمين السّارق الكاذبة ، و «الإثم» : سرقته الدّرع ، ورميه اليهوديّ ، قاله ابن السّائب. والثاني : أن «الخطيئة» ما يتعلّق به من الذّنب ، و «الإثم» : قذفه البريء ، قاله مقاتل. والثالث : أن «الخطيئة» قد تقع عن عمد ، وقد تقع عن خطأ ، و «الإثم» : يختصّ العمد. قاله ابن جرير ، وأبو سليمان الدّمشقيّ. وذكر الزجّاج أنّ الخطيئة نحو قتل الخطأ الذي يرتفع فيه الإثم. والرابع : أنه لمّا سمّى الله عزوجل بعض المعاصي خطيئة ، وبعضها إثما ، أعلم أن من كسب ما يقع عليه أحد هذين الاسمين ، ثم قذف به بريئا ، فقد احتمل بهتانا ، ذكره الزجّاج أيضا.
فأمّا قوله تعالى : (ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) أي : يقذف بما جناه بريئا منه.
فإن قيل : الخطيئة والإثم اثنان ، فكيف قال : به ، فعنه أربعة أجوبة : أحدها : أنه أراد : ثم يرم بهما ، فاكتفى بإعادة الذّكر على الإثم من إعادته على الخطيئة ، كقوله تعالى : (انْفَضُّوا إِلَيْها) (٢) فخصّ التّجارة ، والمعنى للتّجارة واللهو. والثاني : أنّ الهاء تعود على الكسب ، فلمّا دلّ ب «يكسب» على الكسب ، كنّى عنه. والثالث : أن الهاء راجعة على معنى الخطيئة والإثم ، كأنه قال : ومن يكسب ذنبا ، ثم يرم به. ذكر هذه الأقوال ابن الأنباري. والرابع : أنّ الهاء تعود على الإثم خاصّة ، قاله ابن جرير الطّبريّ.
وفي المراد بالبريء الذي قذفه هذا السّارق قولان : أحدهما : أنه كان يهوديّا ، قاله ابن عباس ، وعكرمة ، وابن سيرين وقتادة وابن زيد ، وسمّاه عكرمة ، وقتادة : زيد بن السمين (٣). والثاني : أنه كان مسلما ، روي عن ابن عباس ، وقتادة بن النّعمان ، والسّدّيّ ، ومقاتل ، واختلفوا في ذلك المسلم ، فقال
____________________________________
(٣٦٢) منكر جدا ، ذكره المصنف عن الضحاك عن ابن عباس ، والضحاك لم يلق ابن عباس ، ورواية الضحاك هو جويبر بن سعيد ، وهو متروك. والصواب ما ذهب إليه الجمهور.
__________________
(١) قال ابن كثير رحمهالله في «تفسيره» ١ / ٥٦٦ : الآية ، يعني كما اتهم بنو أبيرق بصنيعهم القبيح ذلك الرجل وقد كان بريئا وهم الظلمة الخونة كما أطلع الله على ذلك رسوله صلىاللهعليهوسلم ، ثم هذا التقريع والتوبيخ عام فيهم وفي غيرهم ممن اتصف بصفتهم فارتكب مثل خطيئتهم فعليه مثل عقوبتهم.
(٢) الجمعة : ١١.
(٣) في المطبوع : «السّمير» والتصويب من الطبري ١٠٤٢١ وابن كثير ١ / ٥٦٦.