قوله تعالى : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) في سبب نزولها سبعة أقوال (١) :
(٣٢٢) أحدها : أنّ قوما أسلموا ، فأصابهم وباء بالمدينة وحماها ، فخرجوا فاستقبلهم نفر من المسلمين ، فقالوا : ما لكم خرجتم؟ قالوا : أصابنا وباء بالمدينة ، واجتويناها (٢) ، فقالوا : أما لكم في رسول الله أسوة؟ فقال بعضهم : نافقوا ، وقال بعضهم : لم ينافقوا ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه.
(٣٢٣) والثاني : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا خرج إلى أحد ، رجع ناس ممّن خرج معه ، فافترق فيهم أصحاب رسول الله ، ففرقة تقول : نقتلهم ، وفرقة تقول : لا نقتلهم ، فنزلت هذه الآية ، هذا في «الصّحيحين» من قول زيد بن ثابت.
(٣٢٤) والثالث : أنّ قوما كانوا بمكّة تكلّموا بالإسلام وكانوا يعاونون المشركين ، فخرجوا من مكّة لحاجة لهم ، فقال قوم من المسلمين : اخرجوا إليهم فاقتلوهم فإنهم يظاهرون عدوّكم. وقال قوم : كيف نقتلهم وقد تكلّموا بمثل ما تكلّمنا به؟ فنزلت هذه الآية ، رواه عطيّة عن ابن عباس.
(٣٢٥) والرابع : أنّ قوما قدموا المدينة ، فأظهروا الإسلام ، ثم رجعوا إلى مكّة ، فأظهروا الشّرك ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول الحسن ، ومجاهد.
(٣٢٦) والخامس : أن قوما أعلنوا الإيمان بمكّة وامتنعوا من الهجرة ، فاختلف المؤمنون فيهم ، فنزلت هذه الآية ، وهذا قول الضّحّاك.
____________________________________
(٣٢٢) ضعيف. أخرجه أحمد ١ / ١٩٢ والواحدي في «أسباب النزول» ٣٤٢ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه بنحوه ، وإسناده منقطع ، أبو سلمة لم يسمع من أبيه شيئا. وله علة ثانية ابن إسحاق مدلس ، وقد عنعن. وورد بنحوه عن السدي مرسلا أخرجه الطبري ١٠٠٦٤ ، وهو ضعيف. والصواب في ذلك ما رواه الشيخان ، وهو الآتي.
(٣٢٣) صحيح. أخرجه البخاري ١٨٨٤ و ٤٠٥٠ و ٤٥٨٩ ومسلم ١٣٨٤ و ٢٧٧٦ والترمذي ٣٠٢٨ والنسائي في «التفسير» ١٣٣ وأحمد ٥ / ١٨٤ و ١٨٧ و ١٨٨ والطبري ١٠٠٥٥ والواحدي ٣٤١ عن زيد بن ثابت.
(٣٢٤) ضعيف. أخرجه الطبري ١٠٠٦٠ عن عطية ، عن ابن عباس ، وإسناده واه لأجل عطية العوفي.
(٣٢٥) ضعيف. أخرجه الطبري ١٠٠٥٨ عن مجاهد مرسلا ، وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٣٤٢ م عن مجاهد بدون إسناد ، وهو ضعيف لكونه مرسلا ، والصحيح ما رواه الشيخان.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» ٢ / ١٩٠ وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣٢٦) ضعيف. أخرجه الطبري ١٠٠٦٣ عن الضحاك ، مرسلا.
__________________
(١) قال أبو جعفر رحمهالله في «تفسيره» ٤ / ١٩٦ : وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك ، قول من قال : نزلت هذه الآية في اختلاف أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قوم كانوا ارتدوا عن الإسلام بعد إسلامهم من أهل مكة.
وفي قول الله تعالى ذكره : (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا) أوضح دليل على أنهم كانوا من غير أهل المدينة. لأن الهجرة كانت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى داره ومدينته من سائر أرض الكفر ، فأما من كان بالمدينة في دار الهجرة مقيما فلم يكن عليه فرض هجرة.
(٢) في «اللسان» اجتويت البلد : أي استوخموها. ولم توافقهم وكرهوها لسقم أصابهم قالوا : وهو مشتق من الجوى ، وهو داء في الجوف.