(٣٢٧) والسادس : أن قوما من المنافقين أرادوا الخروج من المدينة ، فقالوا للمؤمنين : إنه قد أصابتنا أوجاع في المدينة ، فلعلّنا نخرج فنتماثل ، فإنّا كنّا أصحاب بادية ، فانطلقوا ، واختلف فيهم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية. هذا قول السّدّيّ.
(٣٢٨) والسابع : أنها نزلت في شأن ابن أبيّ حين تكلّم في عائشة بما تكلّم ، وهذا قول ابن زيد. وقوله تعالى : (فَما لَكُمْ) خطاب للمؤمنين. والمعنى : أيّ شيء لكم في الاختلاف في أمرهم؟ و «الفئة» : الفرقة. وفي معنى «أركسهم» أربعة أقوال : أحدها : ردّهم ، رواه عطاء ، عن ابن عباس. قال ابن قتيبة : ركست الشيء ، وأركسته : لغتان ، أي : نكسهم وردّهم في كفرهم ، وهذا قول الفرّاء ، والزجّاج. والثاني : أوقعهم ، رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس. والثالث : أهلكهم ، قاله قتادة. والرابع : أضلّهم ، قاله السّدّيّ.
فأما الذي كسبوا ، فهو كفرهم ، وارتدادهم. قال أبو سليمان. إنما قال : أتريدون أن تهدوا من أضلّ الله ، لأن قوما من المؤمنين قالوا : إخواننا ، وتكلّموا بكلمتنا.
قوله تعالى : (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) فيه قولان : أحدهما : إلى الحجّة ، قاله الزجّاج. والثاني : إلى الهدى ، قاله أبو سليمان الدّمشقيّ.
(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٨٩))
قوله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا) أخبر الله عزوجل المؤمنين بما في ضمائر تلك الطّائفة ، لئلّا يحسنوا الظنّ بهم ، ولا يجادلوا عنهم ، وليعتقدوا عداوتهم.
قوله تعالى : (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) أي : لا توالوهم فإنهم أعداء لكم (حَتَّى يُهاجِرُوا) أي : يرجعوا إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم. قال ابن عباس : فإن تولّوا عن الهجرة والتّوحيد ، (فَخُذُوهُمْ) أي : ائسروهم ، واقتلوهم حيث وجدتموهم في الحلّ والحرم.
فصل : قال القاضي أبو يعلى : كانت الهجرة فرضا إلى أن فتحت مكّة (١). وقال الحسن : فرض
____________________________________
(٣٢٧) ضعيف. أخرجه الطبري ١٠٠٦٤ عن السدي مرسلا.
(٣٢٨) ضعيف جدا. أخرجه الطبري ١٠٠٦٥ عن ابن زيد مرسلا ، وابن زيد متروك ، ليس بشيء.
__________________
(١) قال الإمام الموفق رحمهالله في «المغني» ١٣ / ١٤٩ ـ ١٥٢ : الهجرة : هي الخروج من دار الكفر إلى دار الإسلام. قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) الآيات. وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أنا بريء من مسلم بين مشركين ، لا تراءى ناراهما». وحكم الهجرة باق ، لا ينقطع إلى يوم القيامة. في قول عامة أهل العلم. وقال قوم : قد انقطعت الهجرة ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا هجرة بعد الفتح» وروي أن صفوان بن أمية لما أسلم ، قيل له : لا دين لمن لم يهاجر. فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما جاء بك أبا وهب؟» قال : قيل : إنه لا دين لمن لم يهاجر. قال «ارجع أبا وهب إلى أباطح مكة ، أقرّوا على مساكنكم ، قد انقطعت الهجرة ولكن جهاد ونية».