خلقه ، (حَكِيماً) فيما فرض. وفي معنى «كان» ثلاثة أقوال : أحدها : أن معناها : كان عليما بالأشياء قبل خلقها ، حكيما فيما يقدر تدبيره منها ، قاله الحسن. والثاني : أن معناها : لم يزل. قال سيبويه : كأنّ القوم شاهدوا علما وحكمة ، فقيل له : إنّ الله كان كذلك ، أي : لم يزل على ما شاهدتم ، ليس ذلك بحادث. والثالث : أن لفظة «كان» في الخبر عن الله عزوجل يتساوى ماضيها ومستقبلها ، لأن الأشياء عنده على حال واحدة ، ذكر هذه الأقوال الزجّاج.
(وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (١٢))
قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً) قرأ الحسن : «يورث» بفتح الواو ، وكسر الراء مع التّشديد. وفي الكلالة أربعة أقوال : أحدها : أنها ما دون الوالد والولد ، قاله أبو بكر الصّدّيق. وقال عمر بن الخطّاب : أتى عليّ حين وأنا لا أعرف ما الكلالة ، فإذا هو : من لم يكن له والد ولا ولد ، وهذا قول عليّ ، وابن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وابن عباس ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، والزّهريّ ، وقتادة ، والفرّاء ، وذكر الزجّاج عن أهل اللغة ، أن «الكلالة» : من قولهم : تكلّله النّسب ، أي : لم يكن الذي يرثه ابنه ، ولا أباه. قال : والكلالة سوى الوالد والولد ، وإنما هو كالإكليل على الرّأس. وذكر ابن قتيبة عن أبي عبيدة أنه مصدر تكلّله النّسب : إذا أحاط به. والابن والأب : طرفان للرّجل. فإذا مات ، ولم يخلّفهما ، فقد مات عن ذهاب طرفيه ، فسمّي ذهاب الطّرفين : كلالة. والثاني : أن الكلالة : من لا ولد له ، رواه ابن عباس ، عن عمر بن الخطّاب ، وهو قول طاوس. والثالث : أن الكلالة : ما عدا الوالد ، قاله الحكم. والرابع : أن الكلالة : بنو العمّ الأباعد ، ذكره ابن فارس ، عن ابن الأعرابيّ (١).
واختلفوا على ما يقع اسم الكلالة على ثلاثة أقوال : أحدها : أنه اسم للحيّ الوارث ، وهذا مذهب أبي بكر الصّدّيق ، وعامّة العلماء الذين قالوا : إن الكلالة من دون الوالد والولد ، فإنهم قالوا : الكلالة : اسم للورثة إذا لم يكن فيهم ولد ولا والد ، قال بعض الأعراب : مالي كثير ، ويرثني كلالة متراخ
__________________
(١) قال ابن كثير رحمهالله في «تفسيره» ١ / ٤٧٠ : الكلالة مشتقة من الإكليل وهو الذي يحيط بالرأس من جوانبه والمراد هنا من يرثه من حواشيه لا أصوله ولا فروعه كما روي عن أبي بكر أنه سئل عن الكلالة فقال : أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه : الكلالة من لا ولد له ولا والد. وقد حكى الإجماع عليه غير واحد وورد فيه حديث مرفوع. قال أبو الحسين بن اللبان : وقد روي عن ابن عباس ما يخالف ذلك وهو أنه من لا ولد له والصحيح عنه الأول ولعل الراوي ما فهم عنه ما أراد.