فصل : أقلّ الحيض يوم وليلة في إحدى الروايتين عن أحمد. والثانية : يوم (١). وقال أبو حنيفة : أقلّه ثلاثة أيام. وقال مالك وداود : ليس لأقلّه حدّ. وفي أكثره روايتان عن أحمد : إحداهما : خمسة عشر يوما ، وهو قول مالك والشّافعيّ. والثانية : سبعة عشر يوما ، وقال أبو حنيفة : أكثره عشرة أيام.
والحيض مانع من عشرة أشياء : فعل الصّلاة ، ووجوبها ، وفعل الصّيام دون وجوبه ، والجلوس في المسجد ، والاعتكاف ، والطّواف ، وقراءة القرآن ، وحمل المصحف ، والاستمتاع في الفرج ، وحصول نيّة الطّلاق.
(نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣))
قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) ، في سبب نزولها ثلاثة أقوال :
(١٠٧) أحدها : أن اليهود أنكرت جواز إتيان المرأة إلا من بين يديها ، وعابت من يأتيها على غير تلك الصفة ، فنزلت هذه الآية. روي عن جابر ، والحسن ، وقتادة.
(١٠٨) والثاني : أن حيّا من قريش كانوا يتزوّجون النساء بمكّة ، ويتلذّذون بهن مقبلات ومدبرات ، فلما قدموا المدينة ، تزوّجوا من الأنصار ، فذهبوا ليفعلوا ذلك ، فأنكرنه ، وانتهى الحديث إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية. رواه مجاهد عن ابن عباس.
(١٠٩) والثالث : أن عمر بن الخطّاب جاء إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال : هلكت ، حوّلت رحلي الليلة ،
____________________________________
(١٠٧) صحيح. أخرجه البخاري ٤٥٢٨ ومسلم ١٤٣٥ والترمذي ٢٩٧٨ والنسائي في عشرة النساء ٩٣ وابن ماجة ١٩٢٥ والواحدي ١٤١ والحميدي ١٢٦٣ وأبو يعلى ٢٠٢٤ والطحاوي في «المعاني» ٣ / ٤٠ من حديث جابر بألفاظ متقاربة. وانظر «تفسير القرطبي» ١١٨١ بتخريجنا.
(١٠٨) حسن. أخرجه أبو داود ٢١٦٤ والحاكم ٢ / ٢٧٩ من حديث ابن عباس وقال الذهبي : على شرط مسلم.
(١٠٩) جيد. أخرجه أحمد ١ / ٢٩٧ والترمذي ٢٩٨٠ والنسائي في «التفسير» ٦٠ وأبو يعلى ٢٧٣٦ وابن حبان ٤٢٠٢
__________________
(١) قال القرطبي رحمهالله ٣ / ٨٠ ـ ٨٣ : واختلف العلماء في مقدار الحيض فقال فقهاء المدينة : إن الحيض لا يكون أكثر من خمسة عشر يوما ، وجائز أن يكون خمسة عشر يوما فما دون ، وما زاد على خمسة عشر يوما لا يكون حيضا وإنما هو استحاضة ، وهذا مذهب مالك وأصحابه. وقد روي عن مالك أنه لا وقت لقليل الحيض ولا لكثيرة إلّا ما يوجد في النساء ، فكأنه ترك قوله الأول ورجع إلى عادة النساء. قال محمد بن مسلمة : أقل الطهر خمسة عشر يوما ، وهو اختيار أكثر البغداديين من المالكيين ، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وأصحابهما والثوري ، وهو الصحيح في الباب. وقال الشافعي : أقلّ الحيض يوم وليلة ، وأكثره خمسة عشر يوما وقد روي عنه مثل قول مالك : إن ذلك مردود إلى عرف النساء. وقال أبو حنيفة وأصحابه : أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة. قال ابن عبد البر : ما نقص عند هؤلاء عن ثلاثة أيام فهو استحاضة ، لا يمنع من الصّلاة إلّا عند أول ظهوره لأنه لا يعلم مبلغ مدته. ثم على المرأة قضاء صلاة تلك الأوقات. وكذلك ما زاد على عشرة أيام عند الكوفيين. وعند الحجازيين ما زاد على خمسة عشر يوما فهو استحاضة ، وما كان أقل من يوم وليلة عند الشافعي فهو استحاضة. وممن قال : أقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوما عطاء بن أبي رباح وأبو ثور وأحمد بن حنبل.