دعامة ولا علاقة ، وإرساله إلى حيث شاء الله تعالى. (لآيات). الآية : العلامة.
أخبرنا عبد الوهّاب الحافظ ، قال : أخبرنا عاصم قال : أخبرنا ابن بشران قال : أخبرنا ابن صفوان قال : حدثنا ابن أبي الدّنيا قال : حدّثني هارون قال : حدّثني عفّان عن مبارك بن فضالة قال : سمعت الحسن يقول : كانوا يقولون ـ يعني أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم : الحمد لله الرّفيق ، الذي لو جعل هذا الخلق خلقا دائما لا ينصرف ، لقال الشّاكّ في الله : لو كان لهذا الخلق ربّ لحادثه ، وإنّ الله تعالى قد حادث بما ترون من الآيات ، إنه جاء بضوء طبّق ما بين الخافقين ؛ وجعل فيها معاشا ، وسراجا وهّاجا ، ثمّ إذا شاء ذهب بذلك الخلق ، وجاء بظلمة طبّقت ما بين الخافقين ، وجعل فيه شهبا ونجوما ، وقمرا منيرا ، وإذا شاء بنى بناء ، جعل فيه المطر ، والبرق ، والرّعد ، والصّواعق ، ما شاء ، وإذا شاء صرف ذلك ، وإذا شاء جاء ببرد يقرقف (١) الناس ، وإذا شاء ذهب بذلك ، وجاء بحرّ يأخذ أنفاس الناس ، ليعلم الناس أنّ لهذا الخلق ربّا يحادثه بما ترون من الآيات ، كذلك إذا شاء ذهب بالدّنيا وجاء بالآخرة.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (١٦٥))
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً). في الأنداد قولان ؛ قد تقدّما في أوّل السّورة. وفي قوله : (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) قولان : أحدهما : أنّ معناه : يحبّونهم كحبّ الذين آمنوا لله ، هذا قول ابن عباس ، وعكرمة ، وأبي العالية ، وابن زيد ، ومقاتل ، والفرّاء. والثاني : يحبّونهم كمحبّتهم لله ، أي : يسوون بين الأوثان وبين الله تعالى في المحبّة. هذا اختيار الزّجّاج ، قال : والقول الأوّل ليس بشيء ، والدّليل على نقضه قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) ، قال المفسّرون : أشدّ حبّا لله من أهل الأوثان لأوثانهم.
قوله تعالى : (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) قرأ أبو عمرو ، وابن كثير ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائيّ : «يرى» بالياء ، ومعناه : لو يرون عذاب الآخرة ؛ لعلموا أنّ القوة لله جميعا. وقرأ نافع وابن عامر ، ويعقوب : «ولو ترى» بالتاء ، على الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والمراد به جميع الناس ، وجوابه محذوف ، تقديره : لرأيتم أمرا عظيما ، كما تقول : لو رأيت فلانا والسّياط تأخذه. فإنّما حذف الجواب ، لأنّ المعنى معلوم. قال أبو عليّ : وإنّما قال : «إذ» ولم يقل : «إذا» وإن كانت «إذ» لما مضى ، لإرادة تقريب الأمر ، فأتى بمثال الماضي ، وإنّما حذف جواب «لو» لأنّه أفخم ، لذهاب المتوعّد إلى كلّ ضرب من الوعيد. وقرأ أبو جعفر : «إن القوة» و «إن الله» بكسر الهمزة فيهما على الاستئناف ، كأنّه يقول : ولا يحزنك ما ترى من محبّتهم أصنامهم «إن القوة لله جميعا» ، قال ابن عباس : القوّة : القدرة ، والمنعة.
(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦) وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧))
__________________
(١) القرقفة : الرعدة ، وقرقف : أرعد.