قوله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ). سبب نزولها : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان يحب أن يوجّه إلى الكعبة ، قاله البراء (١) ، وابن عباس ، وابن المسيّب ، وأبو العالية ، وقتادة.
وذكر بعض المفسّرين أنّ هذه الآية مقدّمة في النزول على قوله تعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ). واختلفوا في سبب اختيار النبيّ صلىاللهعليهوسلم الكعبة على بيت المقدس على قولين : أحدهما : لأنّها كانت قبلة إبراهيم ، روي عن ابن عباس. والثاني : لمخالفة اليهود ، قاله مجاهد.
ومعنى تقلّب وجهه : نظره إليها يمينا وشمالا. و (في) بمعنى إلى ، و (تَرْضاها) بمعنى : تحبّها. و (الشّطر) : النّحو من غير خلاف.
(٥٥) قال ابن عمر : أتى الناس آت وهم في صلاة الصّبح بقباء ، فقال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن ، وأمر أن يستقبل الكعبة ، ألا فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام ، فاستداروا وهم في صلاتهم.
فصل : اختلف العلماء أيّ وقت حوّلت القبلة؟ على ثلاثة أقوال : أحدها : أنها حوّلت في صلاة الظّهر يوم الاثنين للنّصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، قاله البراء بن عازب (٢) ، ومعقل بن يسار. والثاني : أنها حوّلت يوم الثّلاثاء للنّصف من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدمه المدينة ، قاله قتادة. والثالث : جمادى الآخرة ، حكاه ابن سلامة المفسّر عن إبراهيم الحربيّ.
وفي (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) قولان : أحدهما : اليهود ، قاله مقاتل. والثاني : اليهود والنّصارى ، قاله أبو سليمان الدّمشقيّ. قوله تعالى : (لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُ) يشير إلى ما أمر به من التّوجّه إلى الكعبة ، ثم توعّدهم بباقي الآية على كتمانهم ما علموا. ومن أين علموا أنه الحقّ؟ فيه أربعة أقوال : أحدها : أنّ في كتابهم الأمر بالتّوجّه إليها ، قاله أبو العالية. والثاني : يعلمون أنّ المسجد الحرام قبلة إبراهيم. والثالث : أنّ في كتابهم أنّ محمّدا رسول صادق ، فلا يأمر إلا بحقّ. والرابع : أنهم يعلمون جواز النّسخ.
(وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٤٥))
قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ). سبب نزولها أنّ يهود المدينة ونصارى
____________________________________
(٥٥) صحيح. أخرجه البخاري ٤٠٣ و ٤٤٩١ و ٩٤٩٤ و ٧٢٥١ ومسلم ٥٢٦ والنسائي ٤٩٣ وأحمد ٢ / ١٦ ـ ٢٦ ـ ١٠٥ ـ ١١٣ والدارمي ١ / ٢٨١ ومالك ١ / ١٩٥ والشافعي في «مسنده» ١٩١ وابن أبي شيبة ١ / ٣٣٥ والترمذي ٣٤١ مختصرا وأبو عوانة ١ / ٣٩٤ وابن حبان ١٧١٥ والبيهقي ٢ / ٢ ـ ١١ والبغوي في «شرح السنة» ٤٤٥ وفي «تفسيره» ١٠٠ من طرق من حديث ابن عمر.
__________________
(١) تقدّم برقم ٥٢.
(٢) تقدّم برقم ٥٢.