(لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً) قال الأخفش سعيد : وهذا على الاستثناء الذي ليس من الأول ، قال : وإن شئت كان بدلا أي لا يسمعون إلا سلاما. (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) ظرفان. قال أبو إسحاق : أي يقسم لهم في هذين الوقتين ما يحتاجون إليه في كلّ ساعة. قال الأخفش : أي على مقادير الغداة والعشيّ مما في الدنيا لأنه ليس هناك ليل ولا نهار إنما هو نور العرش.
قال الأخفش : (لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا) أي قبل أن نخلق (وَما خَلْفَنا) ما يكون بعد الموت. (وَما بَيْنَ ذلِكَ) مذ خلقنا.
(فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ) الأصل اصتبر فثقل الجمع بين التاء والصاد لاختلافهما فأبدل من التاء طاء ، كما تقول من الصوم : اصطام.
قرأ أهل الكوفة إلا عاصما وأهل مكة وأبو عمرو وأبو جعفر أولا يذكر الإنسان (١) وقرأ شعبة ونافع وعاصم (أَوَلا يَذْكُرُ) بالتخفيف ، وفي حرف أبيّ أولا يتذكّر وهذه القراءة على التفسير لأنها مخالفة لخطّ المصحف ؛ لأن الأصل في يذّكّر يتذكر فأدغمت التاء في الذال. ومعنى يتذكّر : يتفكّر ، ومعنى يذكر يتنبّه ويعلم.
(فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ) عطف على الهاء والميم والشياطين الذين أغووهم (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) (٢) نصب على الحال. والأصل جثوّ أبدل من الواو ياء ؛ لأنها ظرف ، والجمع بابه التغيير. ومن قال : جثيّ أتبع الكسرة الكسرة.
وهذه آية مشكلة في الإعراب لأن القراء كلّهم يقرءون (أَيُّهُمْ) بالرفع إلّا
__________________
(١) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ٤١٠ ، والبحر المحيط ٦ / ١٩٥ ، وهذه قراءة أبي بحرية والحسن وشيبة وابن أبي ليلى وابن مناذر وأبي حاتم.
(٢) انظر تيسير الداني ١٢١.