وتجافى ـ كما قلنا ، ولو كان متأخّرا لقيل : ترآيا فإن وصلت حذفت لالتقاء الساكنين فقلت : تراءى الجمعان. وقرأ الأعرج وعبيد بن عمير (قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (١). قال الفراء (٢) : حفر واحتفر بمعنى واحد ، وكذلك لمدركون ولمدّركون بمعنى واحد. قال أبو جعفر : وليس كذا يقول النحويون الحذاق ، إنما يقولون مدركون ملحوقون ، ومدّركون مجتهد في لحاقهم ، كما يقال : كسبت بمعنى أصبت وظفرت ، واكتسبت بمعنى اجتهدت وطلبت. وهذا معنى قول سيبويه.
على تخفيف الهمزة الثانية ، وهو أحسن الوجوه لأنهم قد أجمعوا جميعا على تخفيف الثانية إذا كانتا في كلمة واحدة ، نحو آدم ، وإن شئت حققتهما فقلت : «نبأ إبراهيم» وإن شئت خفّفتهما فقلت «نبأ إبراهيم» ، وإن شئت خففت الأولى فقلت «نبأ إبراهيم». وثمّ وجه خامس إلّا أنه بعيد في العربية ، بعد لأنه جمع بين همزتين كأنهما في كلمة واحدة وحسن في فعال لأنه لا يأتي إلّا مدغما.
(قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ) قال الأخفش : فيه حذف ، والمعنى : هل يسمعون منكم أو هل يسمعون دعاءكم فحذف كما قال : [البسط]
٣١٣ ـ القائد الخيل منكوبا دوابرها |
|
قد أحكمت حكمات القدّ والأبقا (٣) |
قال : والأبق الكتان فحذف. والمعنى : وقد أحكمت حكمات الأبق. وروي عن قتادة أنه قرأ (قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ) (٤) بضمّ الياء أي هل يسمعونكم أصواتهم. (إِذْ تَدْعُونَ) وإن شئت أدغمت الذال في التاء.
معطوف على يسمعونكم.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٧ / ١٩ ، ومختصر ابن خالويه ١٠٧.
(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٨٠.
(٣) الشاهد لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٤٩ ، ولسان العرب (أبق) و (حكم) ، وتهذيب اللغة ٤ / ١١٤ ، وجمهرة اللغة ١٠٢٦ ، وتاج العروس (حكم) ، ومجمل اللغة ١ / ١٥٩ ، ومقاييس اللغة ١ / ٣٩ ، وديوان الأدب ٢ / ٣٢٩ ، وأساس البلاغة (حكم) ، وبلا نسبة في لسان العرب (حكم) ، والمخصّص ٤ / ٧١ ، وديوان الأدب ٢ / ١٣٣ ، وكتاب العين (حكم).
(٤) انظر مختصر ابن خالويه ١٠٧.