بالابتداء ، ويكون التقدير : إلّا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم. (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ) لهم. (غَفُورٌ رَحِيمٌ).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣٥)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ).
أي بترك المعاصي والجهاد.
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٣٨)
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) رفع بالابتداء ، والخبر (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) وعند سيبويه(١) الخبر محذوف والتقدير عنده : وفيما فرض عليكم السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ، والرفع عند الكوفيين بالعائد ، وقرأ عيسى بن عمر (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) (٢) نصبا وهو اختيار سيبويه. قال (٣) : إلا أن العامة أبت إلّا الرفع ، يريد بالعامة الجماعة ونصبه بإضمار فعل أي: اقطعوا السارق والسارقة وإنما اختار النصب لأن الأمر بالفعل أولى. وقد خولف سيبويه في هذا فزعم الفراء (٤) : أن الرفع أولى لأنه ليس يقصد به إلى سارق بعينه فنصب وإنما المعنى كلّ من سرق فاقطعوا يده. وهذا قول حسن غير مدفوع. يدلّ عليه أنهم قد أجمعوا على أن قرءوا (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما) [النساء : ١٦] وهذا مذهب محمد ابن يزيد ، فأما (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) ولم يقل فيه : يديهما فقد تكلّم فيه النحويون فقال الخليل : أرادوا أن يفرّقوا بين ما في الإنسان منه واحد وما فيه اثنان فقال : أشبعت بطونها. و (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤] ، وقال الفراء : لما كان أكثر ما في الإنسان من الجوارح اثنين حملوا الأقل على الأكثر ، وقال غيرهما : فعل هذا لأن التثنية جمع ، وقيل : لأنه لا يشكل ، وأجاز النحويون التثنية على الأصل والتوحيد لأنه يعرف ، وأجاز سيبويه جمع غير هذا ، وحكى : وصغار حالهما يريد رحلي راحلتين. (جَزاءً بِما كَسَبا) مفعول من أجله ، وإن شئت كان مصدرا ، وكذا (نَكالاً مِنَ اللهِ).
(فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٩)
(فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ) شرط وجوابه (فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ).
__________________
(١) انظر الكتاب ١ / ١٩٦.
(٢) وهذه قراءة ابن أبي عبلة أيضا. انظر معجم القراءات القرآنية ٢ / ٢٠٨ وتفسير القرطبي ٦ / ١١٦ ، والكشاف ١ / ٣٧٧ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٨٩.
(٣) انظر الكتاب ١ / ١٩٧.
(٤) انظر معاني الفراء ١ / ٣٠٦.