(لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُون) (١١٣)
(لَيْسُوا سَواءً) تم الكلام. (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ) ابتداء إلّا أنّ للفراء (١) فيه قولا زعم أنه يرفع أمة بسواء وتقديره ليس تستوي أمة من أهل الكتاب قائمة يتلون آيات الله وأمة كافرة. قال أبو جعفر : وهذا القول خطأ من جهات : إحداها أنه يرفع أمة بسواء فلا يعود على اسم ليس شيء يرفع بما ليس جاريا على الفعل ويضمر ما لا يحتاج إليه لأنه قد تقدم ذكر الكافرين فليس لاضمار هذا وجه ، وقال أبو عبيدة (٢) : هذا مثل قولهم : أكلوني البراغيث ، وهذا غلط لأنه قد تقدّم ذكرهم وأكلوني البراغيث لم يتقدّم لهن ذكر ، قال ابن عباس : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ) من آمن مع النبيصلىاللهعليهوسلم. قال الأخفش : التقدير من أهل الكتاب ذو أمة أي ذو طريقة حسنة وأنشد : [الطويل]
٨٢ ـ وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع (٣)
(آناءَ اللَّيْلِ) ظرف زمان.
(يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) (١١٤)
(يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) يجوز أن يكون في موضع نصب على الحال ، ويجوز أن يكون في موضع نعت لأمة ، ويجوز أن يكون مستأنفا وما بعده ، عطف عليه.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١٦) مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (١١٧)
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) اسم «إنّ» والخبر (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) ابتداء وخبر ، وكذا (هُمْ فِيها خالِدُونَ) وكذا (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ) والتقدير كمثل مهلك ريح. قال ابن عباس : الصرّ البرد الشديد.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ١ / ٢٣٠ ، والبحر المحيط ٣ / ٣٦.
(٢) انظر مجاز القرآن ١ / ١٠١.
(٣) الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه ٣٥ ، ولسان العرب (أمم) ، ومقاييس اللغة ١ / ٢٨ ، وكتاب العين ٨ / ٤٢٨ ، وتهذيب اللغة ١٥ / ٦٣٥ ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ٢٤٧ ، ومجمل اللغة ١ / ١٥٢. وصدره :
«حلفت فلم أترك لنفسك ريبة»