ومتى قيل : ان أفعالنا تحتاج إلينا في كونها كسبا دون الحدوث.
قلنا : ذلك باطل. لأن الذي يتجدد عند دواعينا وأحوالنا هو الحدوث لا غير دون شيء من صفاته ، فينبغي ان يكون هو من جهة الحاجة دون غيره هو الذي يتجدد عند وجود الحركة كونه متحركا ، وكان كونه متحركا هو المحوج الى الحركة دون غيره ، والكسب الذي يدعونه غير معقول ، فكيف تتعلق (١) الحاجة به ويترك الحدوث الذي هو أمر معقول معلوم ، والكسب ليس بمعقول ولا معلوم.
فان قيل : كيف لا يكون معقولا؟ والانسان (٢) يفصل بين ان يمشي مختارا وبين أن يسحب على وجهه.
قلنا : الفرق يرجع الى ما قلناه من ان مشيه مختارا متعلق به ، وبايثاره ، وإذا سحب على وجهه كانت الحركة فيه ضرورية ، فلذلك فرق بينهما.
فان قيل : تتجدد عند دواعينا صفات من حسن وقبح وحلول في محل وكونه عرضا (٣) وغير ذلك. فلم قلتم ان الذي يتعلق بنا الحدوث دون شيء من ذلك.
قلنا : أما الحسن والقبح فقد يخلو كثير من الأفعال منهما ، نحو كلام الساهي والنائم وحركة أعضائه التي لا تتعداه ، وحلوله في المحل
__________________
(١) في ب وح : تعلق.
(٢) في ح : الاكتساب.
(٣) في ح : غرضا.