لها. فما الذي يدل على ذلك.
قلنا : الدليل على ذلك وجوب وقوعها بحسب دواعينا وأحوالنا وانتفائها بحسب صوارفنا وكراهيتنا. فلو لا (١) أنها فعلنا لما وجب ذلك كما لا يجب ذلك في طولنا وقصرنا وخلقنا وهيئاتنا. ولا يجب في أفعال غيرنا لما لم تكن متعلقة بنا. وإنما قلنا بوجوب وقوعها بحسب دواعينا واحوالنا ، لأن الواحد منا متى دعاه الداعي الى القيام والقعود ولا صارف له عن ذلك ، ولا مانع ، فانه لا بد أن يقع ما دعاه الداعي إليه. وليس كذلك ما لا تعلق (٢) به ، كطوله وقصره. ولا فرق بينهما إلا انها محدثه بنا ، ومتعلقه بجهتنا.
ومتى قيل : إن ذلك بالعادة «كان ذلك باطلا بالوجوب الذي اعتبرناه ، لأن ما يستند الى العادة» (٣) لا يجب وقوعه على كل حال ويلزم على ذلك ان يكون انتفاء السواد بالبياض ، وحاجة العلم الى حياة وما جرى مجراه من الواجبات كله بالعادة ، وذلك باطل بالاتفاق. على ان تعلق الفعل بالفاعل (٤) آكد من وجوب تعلقه بدواعيه وأحواله. وهذا حاصل معنا ، فينبغي أن يكون كافيا في تعلقه بنا ، وهو في غيرنا مجوز ، ولا يترك (٥) المعلوم الى المجوز على ذلك.
__________________
(١) في أ : فلو.
(٢) في ح : له به
(٣) العبارة ساقطة من أوب.
(٤) زاد في ح «لا بدّ ان يكون معقولا مثل إسناده الى فاعل معين ولا يعقل في تعلقه بالفاعل».
(٥) في ح : ينزل.