لأن أحدا من الأمة لا يقول ان الله أمرنا بالمعاصي أو حكم علينا بأن نفعلها. وأما القضاء بمعنى الاعلام والاخبار فانه يجوز أن يقال على ضرب من التقييد لأن الله أخبر وأعلم ما لنا في فعل الطاعة من الثواب ، وما علينا بفعل المعاصي من العقاب ، فجاز أن يضاف الى الله القضاء على هذا الوجه.
وأيضا ، فقد روي عن النبي (ص) انه قال «يقول الله تعالى : من لم يرض بقضائي ، ولم يشكر نعمائي ، ولم يصبر على بلائي ، فليتخذ ربا سوائي» (١) فلو كانت المعاصي بقضاء الله واحداثه لوجب الرضا بها ، وذلك خلاف الاجماع.
والقول في القدر على مثل ذلك. لأن القدر يستعمل بمعنى الخلق والأحداث. كما قال (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (٢). ولا يجوز (٣) ان تكون المعاصي بقدر الله لمثل ما قلناه في القضاء.
وقد يستعمل بمعنى التقدير. كما قال تعالى (فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) (٤).
فعلى هذا يجوز أن يقال : أفعالنا بقدر الله بمعنى انه قدر ما عليها من الثواب أو العقاب. فينبغي أن يقيد القول في ذلك ، ولا يطلق به.
فان قيل : مضى في الكلام أن الواحد منا محدث لأفعاله ، موجد
__________________
(١) بحار الانوار. ح ٥. باب القضاء والقدر حديث ١٨. وفيه (لنعمائى).
(٢) سورة فصلت : ١٠.
(٣) في ح : فعلى هذا لا يجوز.
(٤) سورة المرسلات :