الشيء أن يكون قادرا على جنس ضده ، فيجب أن يكون قادرا على ضد هذه العلوم من الجهل ، والجهل قبيح.
وأيضا ، فالقبيح من جنس الحسن. بدلالة أن قعود الانسان في دار غيره غصبا من جنس قعوده فيها بأذن مالكها ، واحدهما قبيح ، والآخر حسن ، «فالقبيح من جنس الحسن» (١).
والقديم تعالى قادر على الأجناس كلها ، ومن كل جنس على ما لا نهاية له ، لأنه قادر لنفسه على ما مضى ، ولا اختصاص له بقدر دون قدر ، ولا بجنس دون جنس. وأيضا ، هو تعالى قادر على تعذيب الكفار بلا خلاف ، وهو حسن. فاذا أسلم الكافر قبح عقابه ، ولم يخرج إسلامه إياه تعالى عن كونه قادرا ، فبان (٢) بذلك أنه قادر على القبيح.
فاذا ثبت ذلك ، فالذي يدل على انه لا يفعله علمه بقبح القبائح ، وعلمه بانه غني عنه ، والعالم بقبح القبيح ، وبأنه غني عنه لا يجوز أن يختاره. ألا ترى ان من خير بين الصدق والكذب في باب الوصول الى غرضه ، وهو عالم بقبح الكذب ، وحسن الصدق لا يجوز ان يختار الكذب على الصدق مع تساويهما في باب الغرض ، ولا علة لذلك إلا كونه عالما بقبح الكذب ، وبأنه غني عنه بالصدق ، فيجب أن يكون
__________________
(١) العبارة ساقطة من ح. ومثبته في أوب بعد قوله واحدهما قبيح.
(٢) في أوب : والمراد بذلك.