فان كان واحدا جاز ان يدعو أحدهما الداعي الى ايجاد مقدوره ، والثاني يصرفه من (١) ايجاده فيؤدي ذلك الى وجوب وجوده لدعاء من دعاه الداعي الى ايجاده ، ووجوب انتفاءه لصارف من صرفه عن إيجاده ، وذلك محال. وإن كان مقدورهما متغايرا لم يمتنع أن يدعو أحدهما الداعي الى إيجاد فعل ويدعو الآخر الى ضده (٢) ، ثم لا يخلو ان يوجدا ، أو لا يوجدا ، أو يوجد أحدهما. فأن وجدا أدى الى اجتماع الضدين ، وذلك محال ، وإن لم يوجدا أدى الى ارتفاع الفعل عنهما لا لوجه «منع» (٣) معقول ، وإن وقع أحدهما أدى الى ارتفاع الفعل عن أحدهما لا لمنع معقول ، لأنه لا يمكن ان يقال (٤) لأحدهما (٥) اكثر مقدورا ، لأن كل واحد منهما يجب ان تكون مقدوراته غير متناهية. فاذا ثبت ذلك بطل إثبات قديمين ، وإذا بطل وجود قديمين بطل قول الثنوية القائلين بالنور والظلمة ، وبطل قول المجوس القائلين بالله والشيطان ، وبطل قول النصارى القائلين بالتثليث. على أن قول الثنوية يبطل من حيث دللنا على حدوث الأجسام ، والنور والظلمة جسمان. ولأنهم اثبتوهما من حيث اعتقدوا ان الخير يضاد الشر ولا يجوز أن يصدرا من فاعل واحد ، وذلك باطل ، من حيث ان الخير من جنس الشر ، لأن أخذ مال الغير غصبا هو ظلم
__________________
(١) في ح : عن.
(٢) في ح : ايجاد ضده.
(٣) الكلمة ساقطة من ح.
(٤) في ب : يقول.
(٥) في ح : أحدهما.