الرؤية ان يكون المرئي نفسه أو محله مقابلا للرائي بحاسة ، أو في حكم المقابل ، والمقابلة تستحيل عليه «لأنه ليس بجسم ومقابلة محله أيضا فيستحيل عليه» (١) لأنه ليس بعرض على ما بيناه.
ولأنه (٢) لو كان مرثيا لرأيناه مع صحة حواسنا ، وارتفاع الموانع المعقولة ، ووجوده ، لأن المرئي إذا وجد وارتفعت الموانع المعقولة وجب أن نراه ، وإنما لا نراه أما لبعد مفرط ، أو لقرب مفرط ، أو لحائل بيننا وبينه ، أو للطافة أو صغر وكل ذلك لا يجوز عليه تعالى ، لأنه من صفات الأجسام والجواهر ، وبمثل ذلك بعينه يعلم انه لا يدرك بشيء من الحواس الباقية فلا وجه للتطويل بذكره. والحاسة السادسة غير معقولة ، ولو كانت معقولة لكان حكمها حكم هذه الحواس مع اختلافها واتفاقها في هذا الحكم.
وأيضا قوله تعالى (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) (٣) دليل على استحالة رؤيته ، لأنه تمدح بنفي الإدراك عن نفسه ، وكل تمدح تعلق بنفي فإثباته لا يكون إلا نقصا ، كقوله تعالى (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) (٤) ، وقوله تعالى (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ) (٥) ،
__________________
بالحاسة ، أما الرؤية بمعنى الوضوح ، والجلاء التام ، فلا ينكره أحد من العدلية.
(١) العبارة ساقطة من أوب.
(٢) في ح : لأنه ، بحذف الواو.
(٣) سورة الانعام : ١٠٣.
(٤) سورة البقرة : ٢٥٥.
(٥) سورة المؤمنون : ١٩١.