شارك الجوهر في كونه جوهرا كان جوهرا ، وكان يجب من ذلك أن يكون تعالى يصفه القدرة ، والقدرة بصفة القادر ، وذلك باطل ، فلم يبق ألا انه قادر لنفسه. وبمثل ذلك يعلم كونه عالما لنفسه لأنه لو تجدد كونه عالما بعد ان لم يكن لوجب ان يكون عالما بعلم محدث ، اذ لا شرط يقف كونه عالما عليه ، لأن المعدوم يصح العلم به كما يصح بالوجود ، بدلالة أنا نعلم ما كان أمس ، ونعلم ما يكون في الغد ، وكل ذلك معدوم. ولو كان عالما بعلم محدث لوجب ان يكون من فعله اذ لا أحد «يقدر ان يفعل» (١) علما لا في محل لو صح وجود غيره ، ولو كان هو الفاعل له لوجب ان يتقدم أولا كونه عالما لأن العلم لا يقع إلا من عالم لأن جميع الوجوه التي يقع الاعتقاد عليها فيكون علما يتقدم أولا كون فاعله عالما ، وذلك يؤدي الى تعلق كونه عالما بوجود العلم ، ووجود العلم بكونه عالما. وإذا ثبت بذلك كونه قادرا عالما لنفسه ، وجب (٢) ان يكون قادرا على جميع الأجناس ، ومن كل جنس على ما لا يتناهى ، لأنه لا مخصص له بقدرة دون قدرة (٣). ويجب مثل ذلك في كونه عالما ان يكون عالما بجميع المعلومات ، اذ لا مخصص له ببعضها دون بعض ، فيجب من ذلك كونه عالما قادرا (٤) على ما لا يتناهى. واذا ثبت كونه
__________________
(١) في ب : ان يقدر يفعل.
(٢) في أوب : لوجب.
(٣) في ح : بقدر دون قدر.
(٤) في أوب : قادرا عالما.