لوجب (١) ان تكون تلك القدرة محدثه ، لأنها لو كانت قديمة لوجب كونه قادرا في الأزل ، ولو كانت محدثه لوجب ان تكون من فعله ، إذ المحدث لا بد له من محدث ، ولو كانت من فعله لوجب ان يكون قادرا قبل إيجادها ، لأن الفعل لا يصدر إلا من قادر ، وعلى هذا المذهب هو تعالى لا يكون قادرا إلا بعد وجود القدرة ، فيتعلق كونه قادرا بوجود القدرة ، ووجود القدرة بكونه قادرا ، فلا يصح واحد من الأمرين ، وذلك باطل ، لأنا علمنا خلاف ذلك.
واذا ثبت كونه قادرا في الأزل وجب ان يكون قادرا لنفسه ، لأنه لا يمكن استناد (٢) ذلك الى الفاعل والقدرة المحدثة ، لأن ما يتعلق بالفاعل (٣) من شرطه تقدم الفاعل عليه ، وذلك لا يصح في الحاصل في الأزل ، والقدرة المحدثة لا توجب صفة في الازل ، لأن معلول العلة لا يتقدمها. ولا يجوز أن يكون قادرا بقدرة قديمة لأنه كان يجب أن تكون تلك القدرة مثلا له ، ومشاركه له في جميع صفاته ، وهو تعالى مشارك للقدرة في جميع صفاتها لاشتراكهما في القدم (٤) الذي هو صفة النفس ، والاشتراك في صفة النفس يوجب التماثل ، كما ان شارك السواد في كونه سوادا «كان سوادا» (٥) ، ومن (٦)
__________________
(١) في ح : وجب.
(٢) في ح : اسناد.
(٣) في أو ب : بالفعل.
(٤) في أالقدر ، وفي ح القدرة.
(٥) ساقط من أ.
(٦) في ح : وما.