كان كذلك لأن المحدث لا يكون قادرا إلا بقدره ، والقدرة لا يصح بها فعل الأجسام وإنما قلنا ان المحدث لا يصح ان يكون قادرا لنفسه ، لأنه لو جاز ان يكون الجسم قادرا لنفسه اوجب ان تكون الأجسام كلها قادره لنفسها ، لأنها متماثلة ، والمعلوم خلاف ذلك. وإنما قلنا ان القدرة لا يقع بها فعل جسم ، لأنا لو اجتهدنا كل الجهد أن نوجد جسما أو جوهرا لتعذر ذلك ، ولا وجه لتعذره إلا انه ليس بمقدور لنا ، وبذلك نفصل (١) بين ما هو مقدور لنا وبين ما ليس بمقدور لنا. فبان بذلك أن من صح منه الجسم لا يكون إلا قديما ولا يكون محدثا.
وهو تعالى متكلم والطريق الذي يعلم كونه (٢) متكلما السمع ، لأن العقل لا يدل عليه ، وانما يدل على انه قادر للكلام (٣) ، لأنه جنس من الافعال ، وهو قادر على جميع الأجناس. وقد اجمع المتكلمون (٤) على انه تعالى متكلم ، لا خلاف بينهم ، واجماعهم حجه. ومعلوم أيضا من دين النبي انه تعالى متكلم ، وان هذا القرآن كلام الله تعالى.
فان قيل. السمع يستند (٥) إلى قول النبي (ص) ، والنبي بأي (٦) شيء يعلم انه (٧) متكلم؟ فان قلتم : بسمع آخر أدى إلى ما لا
__________________
(١) في ح : يفصل.
(٢) كذا جاء ، والصحيح : الذي يعلم به كونه.
(٣) في ح على الكلام.
(٤) في أوح المسلمون.
(٥) في ح : مستند.
(٦) في (ب) فبأي.
(٧) في ب وح بأنه.