لأن جميع ذلك يوجد فيما ليس بأمر ، فلم يبق إلا انه يكون أمرا لإرادة المأمور به ، والكلام في النهي والخبر مثل ذلك.
وأيضا فقد ثبت انه خلق الخلق ، ولا بد ان يكون فيه غرض (١) لأنه لو (٢) لم يكن له فيه غرض لكان (٣) عبثا وذلك لا يجوز عليه.
ولا يجوز أن يكون خلقهم لنفع نفسه ، لأن ذلك لا يجوز عليه لأنا سنبين استحالة المنافع عليه (٤) ، فلم يبق إلا انه خلق الخلق لمنافعهم ، ومعناه انه أراد نفعهم بذلك. فثبت (٥) انه مريد.
ويجب ان يكون تعالى قديما موجودا في الأزل ، لأنه لو كان محدثا لاحتاج الى محدث ، والكلام في محدثه كالكلام فيه ، فكان يؤدي الى محدثين ، ومحدثي المحدثين الى ما لا نهاية له ، وذلك فاسد.
وأيضا فانه فاعل الاجسام والإعراض المخصوصة ، «من الألوان والطعوم وغيرهما ، والمحدث لا يصح فيه فعل الجسم ولا هذه الأعراض المخصوصة» (٦) ، فوجب ان يكون من صحت منه قديما. وانما
__________________
(١) يأتي تفصيل الاستدلال على ذلك في فصل (الكلام في التكليف وجمل من أحكامه).
(٢) في ب وح : إن لم.
(٣) في ب وح : كان.
(٤) يأتي تحقيق ذلك في فصل (ما يجوز عليه وما لا يجوز.
(٥) في ح : اضاف بذلك.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ).