أدركته فلم أدركه لأنه مناقضه وجرى مجرى قوله اصغيت له فلم اسمعه فهما بان يكونا سبب الإدراك على وجه دون ان يكونا نفس الإدراك.
ويجب أيضا ان يكون تعالى مريدا وكارها لأنه ثبت أنه آمروناه ومخبر ، والأمر لا يقع إلا ممن هو مريد للمأمور به والنهي لا يقع (١) إلا مع (٢) كراهية المنهي عنه ، ولا يقع (٣) الخبر خبرا إلا بإرادة كونه خبرا ، بدلالة ان هذه الصيغ كلها توجد فيما ليس بأمر ولا نهي ولا خبر. إلا ترى ان قوله تعالى (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) (٤) وقوله تعالى (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) (٥) بصورة الأمر ، والمراد به التهديد. وقوله تعالى (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (٦) صورته صورة الأمر والمراد به التحدي. وقوله تعالى (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) (٧) والمراد به الإباحة ، ونظائر ذلك كثيرة جدا. فلا يمكن مع ذلك ان يكون أمرا لجنسه ولا لصيغته (٨) ، ولا لحدوثه ،
__________________
(١) في ب وح اضاف كلمة (نهيا).
(٢) في ح : من.
(٣) في ب وح هكذا (والخبر لا يقع خبرا).
(٤) سورة الأسراء : ٦٤.
(٥) سورة فصلت : ٤٠.
(٦) سورة البقرة : ٢٣.
(٧) سورة المائدة : ٢.
(٨) في ح : لصنعته.