فصل ـ ٢ ـ
في اثبات صانع العالم وبيان صفاته
إذا (١) ثبت حدوث الأجسام بما قدمناه ، فالذي يدل على ان لها محدثا هو ما ثبت في الشاهد من ان الكتابة لا بد لها من كاتب ، والبناء لا بد له من بان ، والنساجة لا بد لها من ناسج ، وغير ذلك من الصنائع وإنما وجب ذلك فيها لحدوثها ، فيجب ان تكون الأجسام إذا شاركتها (٢) في الحدوث ان تكون محتاجة (٣) الى محدث.
فان قيل : كيف تدعون العلم بذلك (٤) ، وهاهنا من يخالف ذلك (٥) ويقول الكتابة لا تعلق لها بالكاتب ، ولا البناء بالباني ، ولا غير ذلك من الصنائع ، وهو الأشعري (٦) وأصحابه ، لأن عندهم ان هذه الصنائع لا كسب للعبد فيها ، وإنما هي من فعل الله وحده.
__________________
(١) في أوب : فاذا.
(٢) في ح : شاركها ،
(٣) في ح : يكون محتاجا.
(٤) في أ : في ذلك.
(٥) في ح : في ذلك.
(٦) هو أبو الحسن الأشعري ، المتوفي سنة ٣٢٤ ه ، وإليه ينتسب الأشاعرة ، وملخص مقالته هاهنا ، انكار العلل الطبيعية ، ونسبة الأفعال والآثار ، جميعا الى الله مباشرة. وبهذا ينكر علاقة الوجوب