وأما الفصل الرابع : فالعلم به ضرورة ، لأن من المعلوم ان كل ذاتين وجدا معا ولم تسبق احداهما الأخرى فان حكمها حكم واحد في الوجود. الا ترى أنا اذا فرضنا ميلاد زيد وعمرو في وقت واحد فلا يجوز مع ذلك أن يكون احدهما أسن من الآخر ، لأن ذلك متناقض ، وكذلك اذا فرضنا (١). ان الجسم لم يسبق المحدث ، ولم يخل منه علمنا ان حكمه حكمه في الحدوث. وقول من قال ان فيها معاني لا نهاية لها شيئا قبل شيء لا الى أول باطل لأن وجود ما لا نهاية له محال ، لأنه كان يصير من شرط (٢) وجود كل واحد منها (٣) ان يتقدم قبله ما لا نهاية له ، فلا يصح وجود شيء منها البتة ، والمعلوم خلافه. على ان القائل بذلك قد ناقض ، لأنه اذا قال انها محدثة اقتضى ان لها أولا فاذا قال بعد ذلك لا أول لها اقتضى ذلك قدمها وذلك متناقض. وأيضا فاذا قال الجسم قديم أفاد ذلك وجوده في الآزال ، فاذا سلم انه لم يخل من معنى فقد أثبت فيه معنى في الأزل ، والمعنى الموجود في الأزل لا يكون قديما ، فيكون ذلك رجوعا عن كونها محدثة ، أو يقول فيما لم يكن فيها معنى ، فيكون فيه رجوع في ان الجسم لم يخل من معنى ، وذلك فاسد. فقد بان بهذه الجملة حدوث الأجسام ، ثم ندل (٤) فيما بعد
__________________
(١) في أعلمنا.
(٢) في ح شروط.
(٣) في (ب) منهما.
(٤) في (ب) يدل ، وفي ح تدل.